بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 22 سبتمبر 2016

روضة العاشق /بقلم نادية صبح

روضة العاشق...............بقلم نادية صبح 

أميرة ......اتتركيننى الآن !!!!!!!
بعدما استطعت أخيراً أن يكون بمقدورى تحقيق كل أحلامك التى كافحتى معى من أجلها .....
كيف تتركينى وأنتِ تعلمين أن صباحى هو أنفاسك تعطر الكون؟........
كيف تتركينى وأنتِ تعلمين أن لقلبى مفتاح واحد بيدكٍ أنتِ؟........
ولمَ أستقبل صباحاً لستِ شمسه التى تنير حياتى وتدفء صقيع أيامي ؟.......
وهذه الزهرة التى نبتت فى بستان حبنا واسميناها روضة ، أيهون عليكِ حرمانها من سقيا حنانك ورعايتك؟.....
وما أفاق إلا والأطباء يربتون على كتفه داعمين وملتمسين منه الصبر والثبات .......
وتمت المراسم لزفافها إلى مرقدها الأخير الذى حرص على أن يكون فى أبهى وأجمل صورة ..
وقد ظن الناس أن تعلقه بالتواجد اليومى فى رحاب قبرها سيستمر لوقت ثم تغلبه مشاغل الدنيا فينسى ويبتعد .......
إلا أنه داوم على التواجد اليومى لزيارتها والمكوث طويلا فى رحابها حتى إن المار بجوار المقبرة يمكنه سماعه يحدثها ويضاحكها ويشكو لها من وجدِه بغيابها ويحكى لها عن ابنتهما التى بدأت حبوها وقريباً تبدأ أولى خطواتها وأنها تشبهها الى حد بعيد وكأن الله تلطف به ليراها فى ابنتهما .......
لقد أصبح وجوده اليومى جزءً من حياة المقابر وسكانها وزوارها حتى الأطفال اللذين يرتادون المقابر طلباً للصدقة اعتادوا وجوده وكرمه معهم حتى أنهم كانوا ينتظرون مجيئه كل يوم ليفيض عليهم بكرمه ، وكيف لا وهو قد خصص جزء ثابت من دخله للتصدق عليها وكان دوماً يردد إنها كافحت معه وشاركته تحقيق ثروته بدعمها واغترابها معه وحبها له وأنها شريكته فيما يملك فى حياتها وحتى بعد رحيلها ، ستصلها حصتها صدقات لعلها تجعلها فى منزلة أفضل  !!!!!!!!
ولم يكتف بذلك بل حرص على جعل مثواها مكان لا تنقبض منه القلوب أو تنفر منه النفوس بل جعله روضة غناء حين غرس بمحيطه أشجار عديدة حرص أن تكون مثمرة بفاكهة الصيف والشتاء وعلل ذلك بأنها كانت كريمة سخية طوال حياتها بدءً بالكلمة والإبتسامة وانتهاءً بالعون المادى بكل صوره وستظل تعطى حتى وهى تحت الثرى .......
وحرص على عدم غلق بستان المقبرة حتى يرتاده الفقراء وأطفال الصدقة لكى يقطفوا فاكهة البستان وقتما أرادوا فكان محيط قبرها واحة عطاء وسعادة لكل من ارتاده ، واكتفى فقط بتعليق لوح أعلى باب البستان مكتوب عليه :هنا ترقد أميرة ، لا تزعجونها بصخبكم ،خذوا مايلزمكم وتذكروها بطيب الدعاء .........
وبمرور الوقت اشتهر مرقدها بمرقد الأميرة حتى ظن البعض أنها أميرة من أميرات الأسرة الحاكمة السابقة .....
لكنه داوم على زيارتها ولم يمنعه يوماً إلا مرض شديد أو سفر اضطرارى أو عذر كارثى .........
لقد أصبحت حكايته مع مقبرة الأميرة حكاية يتبادلها الناس بمزيد من خيالهم حتى تحولت لنادرة من النوادر التى تجسد الحب بصورة لم يعهدها زماننا .....
لم يتوقف أو يخفت حبه لها يوماً ولم يتسع قلبه لغيرها يوماً برغم إنه كان محط أحلام من يفقنها جمالاً وفتنة إلا أنها عندما دفنت دفن إلى جوارها مفتاح قلبه ليظل موصداً بقية حياته التى قضاها فى تربية ابنتهما الوحيدة التى استنسخت من أمها كل فضائلها والتى ماشعرت يوماً بأن أمها غائبة لأنها دوماً كانت حاضرة فى حديثها اليومى مع أبيها لتشاركهما تفاصيل يومهما وسنواتهما ، وكم كان يحلو لها فى كثير من الأحيان أن تشارك أباها زيارة مرقد امها ومعاونته فى رعايته وتزيينه بالزهور ورعاية بستانه......
كبرت روضة بين يدى أب علمها كيف يكون الحب وكيف يكون الوفاء فى أروع صوره ......
لتفاجأ المقابر وزوارها ذات يوم بموكب من أغرب مايكون ........
لقد اعتادت المقابر وسكانها على مواكب الحزن المتشحة بالسواد ، لكنها اليوم ولأول مرة تستقبل موكب لعروس بفستان زفافها الأبيض متأبطة ذراع عريسها وذراع أبيها لتشارك أمها فرحتها يوم عرسها ويدخل الموكب مقبرة الأميرة ويتبادل كل من الأب والابنة وحتى الزوج الشاب كلمات تناسب إحساس كل منهم لينصرف الموكب لإستكمال احتفالهم فى قاعة الأفراح
ويسلم الأب لإبنته العروس صندوقاً به هديه زفافها من أمها!!!!!!!
لتعقد الدهشة لسان العروس ويصمت كل المدعوين ويصمت صخب الموسيقى وتنظر الفتاة لأبيها مستفسرة عما قاله ، ليعيد عبارته قائلاً بهذا الصندوق حُلى أمك وهى ولا شك ستسعد بأن تُهديه لكِ فى هذا اليوم ......
لو أمكن جمع الدموع التى تدفقت من عينى العروس ومدعويها عندئذٍ لملأت بئراً........
عندئذٍ صاح الأب قائلا لِمَ الدموع وأميرة معنا لم تفارقنا يوماً هى بقلبى وقلب روضة ......
لقد كانت تحب المرح والإبتسام ، فلنسعد جميعاً بزفاف روضة ، روضة حبى أنا وأميرة ........
واكتمل الحفل كيفما كان إلا أنه كان حفل زفاف لن ينساه من حضره .......
وتمر شهور ليست بالكثيرة على يوم فارقت فيه الروح الجسد الذى تاق دوماً لحبيبته ، ليستكملا معاً قصة حبٍ  سيتذكرها من عايشها وعرف تفاصيلها طيلة حياته ......
وتكمل روضة مسيرة أبيها فى رعاية مرقد ابويها .........مرقد الأميرة...... والأمير !!!!!!!!!
العائلة المالكة لكل الحب وكل الوفاء ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق