" عندما نطق العَلَم " ؟؟!!
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
----------------------------------
( آخر ما جادت به قريحة الكاتب ولم يسبق نشر النص من قبل ) .
تنويه :
النص جاء انعكاسًا وتعبيرًا عن ذلك المشهد الذي تم تداوله تحت عنوان " كمين العلم " .. وتأثر الكاتب بالمشهد .
إهداء :
إلى كل الأبطال الذين يحملون البندقية والعلم ..
إهداء خاص :
إلى العلم الذي نطق وزمجر ..
( الكاتب )
---------------------
" عندما نطق العَلَم " ؟؟!!
.. ولِمَ العجب يا سيدي ؟؟!! .. لِمَ العجب أن ينطق " العَلَم " وقد نطق " الحجر " من قبل وقال كلمته عندما نطق على أيدي " أطفال الحجارة " من قبل خلال " انتفاضة الحجر " وما تلاها ؟؟!! .
لِمَ العجب يا سيدي وقد نطق البحر والشجر .. وقال كلًا منهما كلمته .. فلماذا لا أقول كلمتي بدوري ؟؟!! .. أوليس من حقي أن أشارك الجميع بالقول والنطق والتعبير ؟!! .
.. ألا تعرفني يا سيدي ؟؟!! .. ألم تعرف بعد من أنا ؟؟!! .. لا بأس يا سيدي .. فيبدو بأنك تأتي متأخرًا دوما كعادتك .. ويبدو بأنك لا تتابع الأحداث بشكل جديد أولًا بأول كدأبك .
ألم ترني أرفرف عاليًا خفاقًا فوق ذلك السلك الشائك للحدود الوهمية المصطنعة التي ابتدعها العدو الغاصب ؟؟ .
ألم تشاهد ذلك الشاب اليافع الفتيّ الذي كان يحملني بيده وهو يقترب من السلك الحدودي الوهمي الزائل ؛ ثم يثبتني بقوة فوق ذلك السلك الوهمي ؟؟
لقد كانت ليلة كاملة تلك التي قضيتها بدوري أرفرف فوق السلك وكأني أعلن تحرير تلك المنطقة من أيدي العدو الغاصب .
فلقد قضيت الليل بطوله مرفرفًا خفاقًا أعلن بداية التحرير من هذه البقعة كي تنتشر الأعلام كلها فوق كل الأماكن المحررة في القريب العاجل .
لا شك بأنها كانت أجمل ليلة في حياتي تلك الليلة التي قضيتها مرفرفًا طوال الوقت وكأني أعلن التحدي للعدو الغاصب .. وكأني أنشد أناشيد التحرير وأغني أغاني النصر .. وكأني أرقص رقصات العزة والكرامة ..
ليلة مقمرة .. شهدت فيها النجوم وشهد فيها القمر ذلك العرس الرائع وذلك المهرجان السامي .
.. لقد شاركني القمر ذلك الرقص .. ولقد شاركتني النجوم ذلك الغناء ... ولقد شاركتني السماء بهجة الفرحة والسرور .
ليلة كانت ليست كبقية الليالي .. ولم تكن كليلة من ليالي ألف ليلة وليلة .. بل كانت ألف ليلة وليلة .
إلى أن كان الصباح ..
وإلى أن اقترب مني أحد جنود العدو .. يريد اغتصاب فرحتي وسعادتي .. يريد أن يخنق غنائي ويفسد رقصاتي .. يريد أن ينهي ليلة العرس والمهرجان .. وينغص عليّ فرحة التحرير وبهجة الانتصار .. يريد أن ينتزعني من علياء السماء وينال من شموخي وكبريائي .
.. لقد تقدم مني ذلك الجندي وهو يرتجف ويرتعش بشدة .. إنه يخشاني .. ويخشى الاقتراب مني رغم كل تلك التدابير الوقائية التي اتخذها لحماية نفسه .. إنه يخشاني .. ويخشى حتى الاقتراب مني أو مجرد لمسي ..
.. حاول انتزاعي من مكاني ؛ فتمسكت بموقفي وتشبثت بمكاني رغم محاولاته العديدة بانتزاعي من عليائي .
عدة محاولات منه كلها باءت بالفشل الفشل الذريع ... ولكنه في النهاية استطاع أن ينتزعني من مكاني .. ورغم ذلك ؛ فلم أنكس رأسي بالمطلق .. بل بقيت على حالي بشموخي وكبريائي مرفرفًا خفاقاً ..
الزهو والغرور تمكنا من ذلك الجندي عندما تمكن من انتزاعي من مكاني .. فراح يتبختر تيهًا وعجرفة بانتصاره الموهوم عليّ ؟؟!!
راح يستعرض غروره البشع أمام زملائه وهو ما زال يطوح بي ذات اليمين وذات الشمال وكأنه يعلن تبجحه بانتصاره في الجولة الأخيرة ضدي ؟؟!! .
أراد أن يشاركه رفاقه – من جنود العدو – الفرحة المفتعلة والاحتفال على طريقته وطريقتهم بالانتصار الموهوم ..
اقترب من زملائه بما فيه الكفاية .. وراح يستعرض عضلاته أمامهم بعجرفة وتكبر وغرور موهمًا نفسه وإياهم بالانتصار .
أراد أن يشاركه الجميع فرحة انتصاره وغروره .. فوضعني على الأرض أمامهم جميعًا ؟؟!! .
وقد كان ... ؟؟!!
.. وقد كان أن نطقت بدوري .. كي أقول كلمتي .. كي أصخب .. كي أتفجر ...
.. حدث ذلك كله في مثل لمح البصر .. وقبل أن يتمكن أولئك المتغطرسين من تنفيذ فعلتهم الشنيعة .. وقبل أن يحاولوا القيام بما كانت تسوله لهم أنفسهم المريضة ..؟؟!!
تفجرتُ .. وفجرتهم .. قبل أن يتمكن أحد منهم من أن يطأني بقدمة النجسة .. وقبل أن يدوسني أحد منهم بحذائه .. كما كانوا ينتوون ؟؟!!..
فكان يجب عليّ أن أنطق .. أن أزمجر .. أن أتفجر .. وأن أفجرهم جميعًا ... وقد فعلت ..؟؟!!