الطّريق ...
شعر : مصطفى الحاج حسين .
هو ذا يسبحُ في بحرِ السّراب
يصطادهُ موجُ اللهب
ويعصفُ بهِ السّكون
يشهقُ من الحرِّ
تتمسّكُ بهِ الأشواك
ويغرقُ ..
يغرقُ ..
لقاعِ الظّمأ
يخدشُ جبينَ الشّمس
فيرتمي الأفقُ في القهرِ
هو ذا يلهثُ
يجرُّ النّدى نحوهُ
يشدّهُ بعزمِ الاحتضار
تكلّس النّدى ..
فوق صدره النّابض بالأنينِ
هو ذا يخرجُ مهشّم النّظراتِ
يمتطي الصّخر سفينةً ويمضي
يرسمُ خلفهُ درباً من الدّماءِ
شراعهُ جرحٌ شبقٌ
يسابقُ الدّمع
ويشقّ يبابَ السّراب
هو ذا يركضُ
يترنّحُ المدى أمام ناظريهِ
يجرّهُ ظلّهُ نحو السّقوط
ولا يسأل عن الجّهاتِ
هو يعرفُ الدّرب كالسّحابِ
يزمجرُ على شفتيهِ الصّمت
ويرتعشُ في أصابعهِ البوح
يرتعدُ الضّباب من وضوحهِ
هو ذا قلبي المقطّر بالندى
يعشقُ خطا الغمام
ودفء الصّحارى
هدّهُ غبار التّجاهل
مزّقهُ عناق الحمام
هو ذا قلبي المعفّر بالندى
حناهُ بدر التّغافلِ
وأضناهُ موت البوح
ندى .. ياجراح الضّوء
يافراشة بين فكّي الظّلام
آن لي أن أبكي
من فرحة الأحزان
وآن للقلب
أن يفجّر عبوة الشّوق
فقد بحّ نبضه الوسنان
آن للنسمةِ أن تضمّد جرحها
آن للضحكةِ أن تفرّغ بكاءها
آن الأوان ..
ندى ..
يانشيدَ الدّمع
يانشيجَ الأمان
هو ذا قلبي
يمخرُ عبابَ السّراب
ويأتي إليكِ
هيئي لهُ النّعش إن أردتِ
أو مُري الجّراح بالإلتآم
ناوشيهِ بالعناقِ
أو برصاصِ النّفورِ
هو ذا ..
يزحفُ فوقَ أشواكِ الأمل
يحملُ فرحة القهر
وغصّة الأماني
فأعطهِ الأمان لينطق
ويشحذ منكِ بسمة
رآها في المنام .
مصطفى الحاج حسين .
حلب