خارطةُ الأسى
هبّت عواصفُ بالغبارِ تمخّضُ
بمخاضِ أوجاعِ الأسى تستعرضُ
فتقاذفت أحجارُها بصريرها
حتّى هوت عن بعضها تتبعّضُ
خلفَ النّخيلِ تسلُّ سيفَ دناءةٍ
وكأنّني كبشُ الفداءِ وأُعرضُ
وبدأتُ أرقبُ للجراحِ خريطةً
فيها العيونُ جفونها لا تغمضُ
من بين لُجّ ٍ وازدحامِ بحورِها
حيتانُها عن تُخمةٍ تتمضمضُ
تترقّبُ الفكرَ الذي لم يؤذها
تُدمي الفؤادَ لجَرحِهِ تتعرّضُ
إن كان ذنبي كلّهُ بشمائلي
مولايَ زدها رفعةً تستنهضُ
أو كان ذنبي منحةً من خالقي
من ذا يُعارضُ ربَّهُ ويُحرّضُ !
فهشيمُ عقلٍ أمرُهُ لنهايةٍ
يأتي الفناءُ لروحِهِ وسيقبضُ
هذي المنايا أُبرمَت بقضائها
بأديمِ أرضٍ بعثُها سيُفوَّضُ
فصبرتُ عمّا ضامني من عاذلٍ
ووَدَدتُ لو أنّ الكلامَ مُبعّضُ
قف بالفؤادِ ونبضِهِ مُتأمّلًا
بصبابةٍ دقّاتُهُ هي تنبضُ
من بين ضلعٍ موجعٍ وأنينِهِ
بشعورِ أحزانٍ تهبُّ وتُمرضُ
وكأنّهُ ما من دواءٍ يشفهِ
وكأنّهُ نحوَ المنايا يُعرضُ
تلك الضّلوعُ تناثرت في ساعةٍ
ولئن هوت عن بعضها لا تُبعضُ
باتت عواذلُ لم تزل محمومةً
عن وعيها غابت لحقدٍ تركضُ
يا حقدَ قابيلَ الذي في عرقهِ
من غير ذنبٍ صابَهُ يَتعرّضُ
كم زفرةٍ مثل الحريقِ بخاطري
والصّدرُ ضاقَ بها فكيف يروّضُ
ياليتني ما كنتُ يومًا دمعةً
بين الجفونِ سيولها تُستعرضُ
تمضي بنا الأيّامُ نُحصي غدرها
من مُدّعٍ للحبّ سرًّا يُبغضُ !
د.أحلام الحسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق