يَا شَاربَ المَاءِ بلّلْ قلبيَ الآنا
إنّيْ أرَىْ القلبَ فيْ عَيْنيكَ ظَمْآنا
الحزنُ كأسٌ بكلِ العمرِ نَشربهُ
أضْنَىْ القلوبَ وَخمْرُ المَوتِ رَوّانا
كنّا وروداً وكلّ النّاس تَعرفنا
فكيفَ صارَ الأسىْ فيْ القلبِ أغْصانا
قلْ ليْ أما ترتويِ يا دهرُ من دمِنا
برغمِ ما نلتهُ ما زلتَ عطشانا
فقدْ لبِسنا ثِيابَ الصّبحِ تَسْتُرنا
حتّى أتى الليلُ فوقَ الدَّربِ عُرْيانا
هبَّتْ على الأرضِ ريحُ الليلِ عَاصِفةً
والقلبُ أضْحى من الأجواءِ بَردانا
فتخلعُ الوردَ فوقَ الأرضِ زينتَهُ
من بعدِ ما كانَ ثوبُ الأرضِ ريحانا
والأرضُ أضحتْ خريفاً والثَّرى يَبِسٌ
فصارَ ينشدُ ثغرُ الأرضِ أشجانا
حتَّى تقوَّسَ قلبُ النَّاسِ منْ وجَعٍ
والعقلُ صَارَ من الأوجاعِ حَيرانا
يا دهرُ مَهلاً بطونُ النَّاس فارغةُ
فصار قلبُ الورى بالحزنِ ملآنا
أينَ الضّميرُ انطوى قد كان يُبصرنا
والآن صار جميعُ النَّاس عميانا
فلمْ يعدْ فيْ سبيل القلبِ من أملٍ
إنَّ الذي مرَّ فوق القلبِ ينسانا
نقلّبُ الوقتَ والسَّاعاتُ راجفةٌ
حتّى انبرى الحزنُ في الأعماقِ أزمانا
لا فرجةٌ تحتَ جنحِ الليلِ تُنْقذُنا
ولمْ يزرنا ضياءُ الشَّمس أحيانا
لقدْ منحنا قلوبَ النَّاس من دمنا
فما رأينا من الإنسان إحْسانا
حتّى سَبحنا بحورَ الأرض قاطبة ً
وكلّ بحرٍ بشطّ الموتِ أرْسانا
والليلُ يطوي الضحى في الأرض من ظُلَمٍ
حتَّى مضى العمرُ في الأعماق أحزانا
لمّا ارتوى النَّاس من كاسات روضتنا
من كأسهِ المرّ إن الدّهر أسقانا
بقلم الشاعر / ربحي الجوابره
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق