بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 11 سبتمبر 2016

حوار مع النور / بقلم الشاعر / قصي العلي

حوار مع النور
**************
أيا معشر العشاق مني تعلموا
دروساً لعل الحب فيكمُ يسلمُ
فما كل ذي آه ٍ يكون متيّماً
ولا كل ذي نبضٍ بحبه يفهم
وما قيس ليلى في جنونه إنما
حكيمٌ أمامي إذ عليه ترحموا
نهاية قيسٍ كان موتاً بأرضها
و أما أنا فالموت مهرٌ مُقــدم
سأحكي لكمْ هذي الحكايةعلّها
تعيد لكم لون الغرام و ترسم
******************
أميرَ بلاد الحب قد كنتُ ظالماً
و أفري بسيفي كل قلبٍ وأعدم
وأنهي حياة العاشقين بسطوتي
وأكتمُ أصوات العذارى وألجم
ولي قصر عزٍ في قلوب نواعمٍ
متى شئتُ أبنيهِ و إنْ شئتُ أهدم
فما كان لي ميلٌ إلى حب نسوةٍ
فلا القلب يهوى حسنهن ويغرم
وعند اشتداد الظلم جاء مقاتلٌ
له ُ الأرض تُطوى في مسيرهِ تُثلم
أتاني على جنح الظلام ملثما
وفي اليد سيفٌ بالوعيد يدمدم
ورمحٌ تخاف الريحُ لمس نصاله
و قوسٌ بذي سهمٍ يصيب ويقصم
تقدّم في صمتٍ و صاح مخاطباً
بصوتٍ يفوق الرعد فخراً ويعظم
وقال ابتعدْ عن درب موتك وارتحلْ
فموتــــك أمــرٌ لا محـــالة قائم
فصحتُ بهِ كالنار تحرق كوكباً
أموتاً تريد اليومَ ذلـــاً فهاكــــم
خطوت بقلبٍ لا يهابُ نزاله
فلا سيفه الاعمى يخيف ولا الدم
فسارع في نزع اللثام مهــــدداً
فأشرق منهُ نور بدرٍ مفخم
فأغمضتُ عينيّا أمام ضيائه
فنور عيوني من ضيائه مُظلم
وبعد صراعٍ بين عيني ونوره
تجلى ملاكٌ للبصيرة ملهـــم
سالتُهُ ما هذا بحق مقدسٍ
فقال أنا الحب الذي به تحلم
فقلت كفى وهما أيعقلُ ما أرى
فما أنت إلا في كلامك زاعم
فقلبي سحابٌ لست تعلو لنيله
و حبي سرابٌ أنت فيه لواهم
***************
فما كان إلا أن رمى بوشاحه
فراحت نجومٌ في العلا تتزاحم
وبانت على سفر الجمال مليكةٌ
محت كل أفكاري و خارت عزائم
ملاكٌ فلا قولٌ يصيب جمالهُ
فصيح بياني في بهائه معجم
نظرت إليها في ذهولٍ وحيرةٍ
كأني ضريرٌ طول عمري مُعتّم
و دُقت طبول الحب تعلن فوزها
وصارت حواسي في الهوى تتخاصم
فناشدتها ما ســـرها بتــحفـــظٍ
فقالت ودمع العين مني ملاحم
أنا قلعةٌ في الحسن قلّ نظيرها
أنا جنةٌ فيها الورى يتنغم
وحبي سماءٌ قد محت كل كوكبٍ
وتاهت شموسٌ في سمائي وأنجم
أنا داء عشقٍ قاتلٍ و دواؤه
فقربي شفاءٌ والجفاء مـــآتــم
أنا أرض حبٍ قد سقتها مدامعٌ
وتُروى دماءً والقلوبُ غمائم
ورغم دموع الحب رغم دمائها
فعذراء أرضي لن يمسها مغرم
فقلبي عصيٌ لن يناله فارسٌ
و دمعي عن الأكوان حرمٌ محرم
فأول حرفٍ ميم مريم تنطوي
بها نار عشق لن يمسها آثم
علا ألفٌ وسط الحروف أقامها
مدى الدهر يسقي كل قلبٍ ويكرم
و ثالث حرفٍ ياء يوسف ترتوي
من الله حسنا فيه تحيا عوالم
و ذا ألفٌ قد جاء يمهر أحرفي
ويغلق أبواب الغرام ويختم
***********
ففي لحظةٍ أحسستُ أني مقيدٌ
وتاريخ ظلمي بالدموع يُهاجم
وغبتُ عن الدنيا فما عدت مدركاً
أجاء ملاك الموت أم كنتُ أحلمُ
فكيف يعود الحب بعد رحيله
ويأتي كما الإعصار يفني ويهدم
و حرتُ بها والعين تهمي دموعها
فهلْ هي نارٌ فيها قلبي سيضرم
فِإن كنتِ أنت النار إني منافقٌ
وقلبي كفورٌ فاسقٌ بل وآثــــم
رضيت مصيري في هواها وأعلمُ
بأن هواها لي شفيعٌ وراحـــــم
فعانقت حبي بالدموع رفعتهُ
كما عابدٌ قبل الصلاة أيمـــّم
فإن جاءك الحب النقيُ فخذ به
فما العمر إلا لمحُ برقٍ و تهرم
**************
قصي العلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق