بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 يونيو 2016

رواية / بقلم / نادية صبح / *** سِجن النِّعَمْ ***

بقلم / نادية صبح
*** سِجن النِّعَمْ ***

        منذ اليوم الأول لإنتقالها إلى فرع الشركة الذى يتولى رئاسته برغم حداثة سنه قياساً لمن سبقوه ، وهو يعتبرها أُحجية عصية على الفهم .......
      لقد سبقتها هذه السُمعة التى يطنطن بها العاملون بالشركة والتى تدور حول شخصيتها المغرورة المترفعة الحادة ولم لا وهى فتاة تحمل فى محياها جمال الكون وهذه الخلفية الإجتماعية المرموقة التى وفرت لها أفضل الفرص للحصول على درجات علمية وثقافية قلما تهتم بها فتاة فى جمالها وعمرها ،مما جعلها تُحَصِّل علماً وخبرة فى مجالها لم يُلم بها من يضاعفونها فى العمر ......
       كانت عندما تتكلم لا يملك الجميع إلا ان ينصتوا لحديث تحمل كل كلمة فيه فكراً ووعياً وتفرداً ......
        كانت إذا إتخذت قراراً تنتهج اسلوباً منطقياً يُعجِزُ متابعها عن الإتيان بمثله .....
وكان التوفيق حليفها فيما تراه وتتوقعه حتى لو بدا احيانا ضعيف التحقق ...
       عندما كانت تتحرك فى ردهات الشركة ،كانت تتابعها العيون وتُلوى لها الرقاب ، ومن ذا الذى لا يُسلَب اللب عندما تمر بجابنه هذه الغادة الآسرة.....
كانت كلما جمعنى بها نقاش او اى حديث حول العمل أو غيره يتنامى بقلبى إحساس بان هذه المخلوقة لن تمر بحياتى مرور الكرام وأنه سيكون لها شان ما ، لم اعرف كنهه حتى الآن ولكنها تشغل مساحة من تفكيرى وإعجابى وتعجبى !!!!!
     لكن اعباء العمل ومسئوليات مناصبنا لم تُتِح الكثير من الوقت ليتعرف كلانا على الآخر بشكل غير رسمى ، إلى ان جاء يوم تغيبت عن العمل على غير عادتها لأعرف انها تعرضت لحادث سيارة وأنها اصيبت عدة إصابات بالقدم ستقعدها عن العمل لفترة ، فانطلقت على الفور لزيارتها بالمستشفى ، لأجدها فى فراشها وكانها فتاة أخرى !!!!!!
     كيان من النور يشارك الشمس مهمتها فى بث الدفء والضياء ، وشعرها المسجى على وسادتها فى عفوية وطفولة ، وهذه العيون التى طالما إنتقصت من جمالها نظارات لا يحق لها ابداً ان تخفيهما ، وثغرها الذى إنفرج عن إبتسامة ودودة تحمل إعتذارا ًعن الغياب .....
وقفت لبرهه لأتمالك نفسى بعد ان شعرت أننى اراها لأول مرة كأنسانة وليست كقائدة لفريق عمل .....
     رايتها فتاة صغيرة رقيقة حد الخيال وقد زادها الم الإصابة إنسانية تذيب القلب .....
كنت قد إعتدت رؤيتها طاقة خلاقة وقدرة على العمل لا محدودة ، اما الآن ارى أمامى كياناً يستدعى من القلوب كل محبة وتعاطف ورغبة صادقة لتقديم اى عون لتتجاوز المها ، او هكذا كان على الأقل ما اشعر انا به .......
     تعددت زياراتى لها حتى بعد عودتها لمنزلها بحجة الإطمئنان عليها ومناقشة بعض امور العمل ، كان كل شيء فيها يجذبنى يوماً بعد يوم خاصة عندما إقتحمت دنياها عن قرب وتعرفت على اسرتها بشكل اكثر حميمية ولقد تأكد لى أن هذا البستان كان لابد وان يطرح هذه الثمرة اليانعة ، فاسرتها على راسها اب يربى عقول قبل ان يربى اجساداً وثروات ......
لقد اصبحت اسيرهم جميعاً .....ما هذا .....الم يكفنى فتونى بها لأفتن باسرتها ايضا ؟؟؟؟؟
ولكن برغم روعة فاتنتى كان يلح علىَّ سؤال وجهته يوماً لها ، إذا كنتِ فى نظرى اروع إمراة التقيتها وفيكِ من المزايا مالم تحزه فتاة مثلك ، فكيف يتاتى أنك لم تقابلى من قبل الرجل الذى يناسبك ؟ 
    ابتسمت وقالت :اترانى احمل من المزايا مالم تحُزه فتاة مثلى ؟
قلت هكذا اراكِ.......
قالت :هذه هى مشكلتى !!!!!
      ألم تعلم ان مزايا الإنسان يمكن ان تكون هى سجنه ؟ الم تسمع بسجن النعم ؟
واردفت تقول ، حرصت منذ صغرى على التفوق والتميز علمياً وثقافياً حتى لا تكون ثروة ابى هى ميزتى الوحيدة ولم اكن اعلم ان الإنسان بشكل عام والفتاة بشكل خاص كلما زادت مزاياها كلما تطلب ذلك ان تقترن برجل على نفس مستوى هذه المزايا ، ولكنى للأسف لم التقى برجل لم يُشعره ذكائى بالتهديد ولم يُشعره طموحى بالتقزم ، ولم يُشعره تفرد شخصيتى بالخوف من تمردى وعدم القدرة على إمتلاكى ........
      تلك هى مشكلة حياتى ، فالنعم التى يهبنا الله بها إذا لم تجد من يقدرها ويتعامل معها التعامل اللائق قد تتحول لسجن يعزل الإنسان عن الناس لأنهم غير قادرين على تحمل إنسان يفوقهم جمالا ً او مالاً او علماً او نجاحاً ، وقد يضطره ذلك رغماً عنه ، إلى التقوقع والبعد عن الناس لأنهم ينزعجون من وجوده إما لشعورهم بالنقص مقارنة به ، وإما لتعذر فهمه وإستيعابه بينهم ، لتظهر الإنطباعات السلبية تجاهه بانه مغرور وانه مترفع وانه غير إجتماعى وانه...وانه ....
     لذلك حصرت نفسى فى عملى ونجاحاتى ولم اعد اشغل ذهنى بما يردده الآخرون عنى من اننى روبوت او أننى فتاة فولاذية أو اننى غير مالوفة او اننى بلا مشاعر ....
وكم كنت احِنُّ لأن يكون فى حياتى إنسان ابادله ذخيرة عمرى من المشاعر والأحلام والأمنيات التى طالما تمنيت مشاركتها مع شريك حياتى كاى فتاة ، لكن خذلنى الواقع بنماذج من الرجال ارَّقتها هذه المزايا التى بدات حديثك بها .....
      نظر إليها طويلاً ثم قال اما كان يكفيكِ من الروعة لتزيديها بهذه العقلية الآسرة ، لقد ملكتِنى عقلاً وروحاً قبل ان تملكينى جمالاً وجسداً.....
عندما انظر إليكُ كانى انظر لقطعة من الألماس لها جوانب وزوايا عديدة يمكن ان تُرى منها ....
فانتِ الفتاة الحالمة ذات القلب النابض بشوق سنوات عمرها لحب كبير .....
وانت المراة الجميلة جمالاً يحتاج عمراً لأستكشاف كل خباياه وسحره.....
وانت حتْحُور الصورة المجسدة للجمال والحكمة عند اجدادنا القدماء......
وانتِ ضالتى التى كنت قد يئست من أن القاها ......
انا النسخة المطابقة لأحلامك .....
انا من يبحث عن إمراة ذات سحر ممتد ، يتجدد كل لحظة ،إمراة تصبح الكلمات معها كحبات اللؤلؤ المنظوم فى خيط الحكمة والبصيرة.........
إمراة ليست كل ثروتها جسداً يُشبع جسداً ، لكنها هى ذاتها ثروة فى الإنسانية.... ثروة فى ذاتها..
إمراة يستقيم ساقها وينمو دون ان يحتاج لنبات آخر بجانبه يستند عليه ويتسلقه ...
إمراة إذا تخلى عنها الرفيق لا تفتتها النوائب والمِحن ....
إمراة تستطيع ان تبنى حياة مع الآخر.... وبدونه إذا تطلب الأمر ......
إمراة تستطيع ان تحب الرجل زوجاً وان تحمله وتربيه إبناً.....
انا مثلك ياحبيبة طال بحثى عنها حتى أتهمونى بالجنوح والمبالغة فى متطلباتى ، ولكنى ماكنت اعلم أننى عشت عمرى اصفك أنتِ بظهر الغيب حتى اشرقت شمسك بأيامى ....
معى لن تحتاجى لأن تكونى أحد آخر ...فانا احبكِ أنتِ بكل تفاصيلك .....
معى لن تتخلى عن احلامك بل سادفعك دفعاً خلفها......
معى سترفلين فى النعم ولن تصبح سجناً يحيط بكِ ليعزلكِ عن السعادة .......،.
معى لن تعيشى صراعاً بين الحفاظ على كيانك والحفاظ على حبك، فكلاهم سيكون واحداً ...
معى يا حتحور لن تطمسى وجهاً واحداً من اوجه قطعة الألماس لأنى سازيدها بريقاً والقاً يليق بقيمتها ..........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق