بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 يونيو 2016

الأنس بالله / بقلم الكاتب / عبد المجيد الديهى

                          الأنــــــس بالله 
.
.
إنّ الأنس بالله .. والخوف منه .. والشـوق إليه سبحانه وتعالي .. من أثار
محبة الإنسـان المـؤمن العابـد لـربه .. وهـذه الأثار تختلف علي المحب 
بحسب نظره وما يغلب عليه في وقته ، فإذا غلب علي الإنسان المؤمن
التطلـع من وراء حجب الغيب إلي منتهي الجمال الإلآهي وإسـتـشـعـر
قـصــوره عن الإطلاع علي كنه الجلال إنـبـعث في قلبه حب الطلب إلي 
لقاءه سبحانه .
•••••
ولـقـاء الله والأنس به في دنيا الحياة من الجائز جدا أن يتعايش الإنسان 
به .. وفيه .. من خلال المـداومة علي ذكر الله با للّسان والجنان والعمل
علي إسـتـفـراغ الطاقة وبــذل الـجـهـــد في طاعة الله والإستحياء منه 
سبحانه وتعالي حق الحياء .
•••••
ومحبة الله يــدعيها كل إنسان .. وما أسهل الــدعوي .. وما أعز المعني 
فلا يجب أن يغتر الإنسان بتلبيس الشيطان له أعماله وخداع نفسه قبل
غـيـره أنه مـن المقــربين المحبين .. لأن المحبةشجرة طيبة أصلها في 
الأرض ثابت وفرعها في السماء نابت وثمارها ناضجة يانعة تـظـهــر في
وجنات قلب العبد المؤمن .
•••••
ولقد اشترط المولي سبحانه وتعالي لحقيقة الصدق في الحب التضحية
بالنفس والنفيـس في سبيله سبحانه .. ولقد ذكر الرسول الكريم صلي 
الله عليه وسلم في الحديث .. ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ) وقال
سبحانه في كتابه الكـريم .( إنّ الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا
كأنهم بنيان مرصوص ) . 
•••••
وهذا من أولويات حب العبد لربه .. أن يقاتل في سبيله سبحانه وتعالي 
فَيُقْتلْ أو يُقْتّلْ .. ويــروي عن اسـحاق بن سـعـيـد بن أبي وقاص . قال 
حـدثني أبي أنّ عبدالله بن جحش قال يوم أحد .. ألاّ ندعوا الله .. فخلـوا
في ناحية .. فدعا عبدالله بن جحش فقال ( يارب .. إني أقسـمت عليك
إذا لقيت العدو غدا فلقيني رجلا شديدا بأسه شديدا حرده ، أقاتله فيك
ويقاتلني ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني ويبقر بطني ، فإذا لقيتك قلت
يا عـبـدالله من جـدع أنفك وأذنك ، فأقـول فيك يارب وفي رسولك فتقول
صـدقـت ) . فقال سـعـد .. فلقـد رأيته آخر النهار يوم أحد وأنّ أنفه وأذنه 
لمعلقتان في خيط .
•••••
فهذا من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأحب لقاء الله فأحب
الله لقاءه .. ولقد كان يقول سفيان الثوري ( لايكره الموت إلا مـريب لأن
الحبيب علي كل حال لايكره لقاء حبيبه ) وهذا لايخالف قول الـرسـول
الكــريــم صلي الله عليه وسلم ( لايتمنين أحدكم الموت ) لأن صلوات 
ربي وسلامه عليه إنما قال ذلك لمن نزل به الضُر.. ولأن الرضا بالقضاء
أفضل من الفرار منه وكراهة الموت قد تكون لحب الدنيا والتأسف علي
فــراق الأهل والمال والولـد .. وهـذا يجافي وينافي كمال حب الله لأن 
الحب الخالص هو بذل الغالي والنفيس .
•••••
روي أنَّ أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمــس لما زوج فاطمة 
أخته من سالم .. مولاه .. عاتبته قــريش في ذلك .. وقالـوا ( أأنكحت 
عقيلة من عقائل قريش .. لموْليّ .. فقال .. والله لقد أنكحته إياها وأنا
أعلم أنه خير منها .. فكان قــوله ذلك أشــدعليهم من فعله .. فقالـوا 
كيف ذلك وهيّ أختك .. وهو .. مولاك .. فقال سمعت رسول الله يقول
من أراد أن ينظر إلي رجل يحب الله بكل قلبه فلينظر إلي سالم .
أجل إنَّ الـحـب إذا غَلَبَ .. قمـع الهوي .. ووطئ النفس .. وأذلها .. لله
سبحانه وتعالي .. ولـقــد قال بـعـض الصالحين ( إذا كان الإيمان في 
ظاهــر القلب أحب العبــــد .. الله .. حبا متوسطا .. فإذا دخل سويداء 
القلب أحب الله الحب البالغ وترك المعاصي بالجملة ) .
•••••
ولـقــد قال بعض العلماء ( ليس في الجنة نعيم أعلي من نعيم أهل 
الـمـعــرفة والمحبة ولا في النار عــذاب أشــد من عذاب من إدعيّ 
المعرفة ولم يتحقق بشيئ من ذلك ) . ومن يحب .. يحب كل شيئ
يحبه حبيبه ولـقـد قال بعض الصالحين ( كنت ومازلت أجد حلاوة في 
مناجاة الله فأدمنت قراءة القرآن ليل نهار ثم لحقني فترة فإنقطعت 
عن التلاوة فإذا برؤيا صالحة سمعت فيها صوت يناديني ويقول تزعم
أنك تحبني .. فلم جفوت كتابي .. أما تدبرت ما فيه من لطيف عتابي .
قال فإنتبهت وقمت من فوري وقد أشرب في قلبي حب القرآن وحب 
أهل القرآن .
•••••
وفي هــذا المعني قال إبن مسعود .( لاينبغي أن يسأل أحدكم عن 
نفسه إلا الـقـرآن فإذا كان يحب الـقـرآن فـهـو يحب الله عـز وجل ) . 
وعلامة حب القــــرآن حب رسول الله وحب العمل بسنته صلي الله
عليه وسلم .. قال تعالي في محكم التنزيل ( قل إن كنتم تحبـــون الله
فإتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) .وإتباع رسول الله والسير 
علي نهجه من تمام كمال الإيمان .
•••••
ومن أراد أن يعلم ماله عند الله فلينظر مالله عنده فإنَّ الله ينزل العبد
منه حيث أنــــزله العبد من نفسه .. ولقد سأل الإمام علي بن أبي 
طالب كرم الله وجهه ورضيّ عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم 
عن سنته فقال . المعرفة رأس مالي .. والعقل أصل ديني .. والحب
أساسي .. والـشــوق مركبي .. وذكر الله أنيسي .. والثقة كـنـزي
والحزن رفيقي .. والعلم سلاحي .. والصبر ردائي .. والرضا غنيمتي
والعجز فخري .. والزهد حرفتي .. واليقين قوتي .. والصدق شفيعي
والطاعة حبي .. والجهاد خلقي .. وقرة عيني في الصلاة .. وجماع
هذا الإخلاص .
•••••
أجل .. الإخلاص هو جماع حياة المسلم المؤمن الموّحد .. ( وما أمروا
إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) وقال سبحانه وتعالي ( إلاّ الذين
تابوا وأصلحوا و إعتصموا بالله وأخلصوا دينهــــم لله ).. إذ أنَّ للإخلاص 
فضل عظيم في تمام كمال الإيمان بالله حيث قال رسول الله فيما قد
أخبر عن رب العزة في الحديث القدسي ( الإخلاص سر من أسراري
أستودعته قلب من أحببت من عبادي ) وقال صلي الله عليه وسلم
مامـن عـبـد مــؤمـن يخلــص لله العمل أربعين يوما إلا تفجرت ينابيع 
الحكمة من قلبه علي لسانه .
•••••
وقيل عن الإخلاص .. أنه ما أستتر عن الخلائق .. وصفا من العلائــق
ولقد قال الفضيل بن عياض عن الإخلاص ( ترك العمل من أجلالناس 
رياء..والعمل من أجل الناس شرك .. والإخلاص أن يعافيك الله منهما)
إنَّ الإخلاص هو دوام المراقبة لله عز وجل ونسيان الحظـوظ المتعلقة 
بالـــدنيا .. كلها .. ولا فائــدة مــن الإكثار عـن الإخلاص بعد إنكشاف 
حقيقة البيان الشافي لسيد المرسلين صلي الله عليه وسلم عندما 
سأل عن الإخلاص فقال ( أن تقول ربيّ الله ثم إستقم كما أمرت ) نعم
إنَّ الإيمان بالله يتفق والفطرة الإنسانية الســـوية ويتلائم معها ولقــد
أخطأ البعض في بحثهم عن الحق وأطبق عليهم عقلهــم في فهمهم 
للنصوص فأولوها حسب هواهم .. فضلوا وأضلوا .
غافانا الله وإياكم من ذلك .
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
.
بقلم / عبدالمجيد الديّهي
من كتابي ؛ 
( قراءة في أوراق الواقع )
..... مــــــــصــــــــر ......
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق