النيلُ إذا مسَّ ذراعيكِ سيثملُ / شعر محفوظ فرج
————————————
من غبشِ السحر المتلهفِ حين يلامسُ
أطرافَ النارنج
يراقصُ جوقاتِ عصافيرِ الغابات
أشتاقُ إليك
تدعوني ( دنيا )لمناخاتٍ يرقصُ فيها الهَدْبُ (السامبا)
وألاحقُ ما خلْفَ الكحلِ الحَوَرَ الساحرَ
أنثرُ من أنفاس الياسمين الجاثمِ فوق الصدر
نقاءً لم يعهدْهُ الساحلُ
أقولُ : حبيبةَ روحي
النيلُ إذا مسَّ ذراعيكِ سيثملُ
يغري رملَ الشاطئ أن يَتَعَفَّرَ في باطنِ قدميكِ
وحين يلامسُهُ المَدُّ
يعودُ بذرّاتٍ يتَعَمَّدُ فيها
يأخذُنا المركبُ مبهورين بأصدافِ الموج البرّاق
نجعلُ من كفَّينا المجدافَ
نعومُ على وقعِ الأصواتِ
خريرِ الماء
غناءِ الكروان
نطوي ثرثرةَ النهرِ
ونغيبُ عن الأعين
أمسُكُ في كفَّيكِ
أقول : دعي الزورقَ وهو يحدِّدُ وِجْهَتَنا
أينَ يَشَاءُ أين يَشَاءُ
دعيهِ يشقُّ عبابَ الخلجانِ البكر
يختارُ المرسى في منحدرٍ يبقينا نشوانين
وراءَ مَمَرّاتِ تصدرُ موسيقاها الغجرية
من لغطِ الطير
ومن وشوشةِ الريح تداعبُها الأوراقُ
ومن قفزاتِ الضفدعِ من تحتِ الأقدامِ على الماء
أقولِ لكِ : المجرى القادمُ
من سهلِ الموصل رقراقٌ كالمرآةِ حصى قاعه
بَرّاقٌ كاللؤلؤ
نقيٌّ كالقلبِ الآشوريِّ الذائبِ في حبِّ الأرض
ما أثناهُ عن الشجنِ الأبديِّ بسهل الموصل
سهمُ الموتِ
حتى الهجرة حين أبيحتْ أهدابُ الأحياء
كانتْ حول الغابات
ظلت في شغفٍ لهفاتُ صبايا السريان
ماثلةً في حَوَرِ العينين حين تَبَلّلَ كحلهما بالدمع
في برقِ الدمع على الساحل
في خطِّ تواتر هدب الحسناوات
تغور الرؤيا في غاباتِ الأرزِ الغائب عنها ( خمبابا)
تَتَوَسَّلُ في ( سدوري )أن تفتحَ حانَتَها حتى آخرِ دربٍ يوصلُ كل طيور الشقراق إلى منتجعاتِ ( أريدو )
كنتُ أُفَتِّشُ في (تل قوش ) بقايا
لمحاتِ طفولة
وجهاً تحضنُ هالة عينيه حروفٌ نورانية
وكان ( لبانيبال ) بمكتبةِ القصر حجرٌ أودعه في بستان
يضمنُ للآشوريين خلوداً في سهل الموصل
أعودُ (لباب الطوب )الى امرأة حين تطيل التحديق بعينيها
لاتلقى غَيْرَ مراعٍ تمتد الخضرةُ فيها
حتى آخر مرتفعٍ في ( زاخو )
محفوظ فرج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق