بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 5 يونيو 2017

صفعة ودخان /بقلم الكاتبه / Nadya Sobh

صفعة ودخان 

بقلم نادية صبح 

برغم انها عاشت خطبة عاصفة بالألم والمتناقضات إلا انها كانت دوماً تظن او بالأحرى تخدع نفسها بأن الأمور ستكون للأفضل بعد الزواج ........
وخطت اولى خطواتها من باب هذه الدار التي يشاركها فيها رجل لا ينقصه شيء لإسعادها سوى أن يكون رجل آخر !!!!؛!؛!
كان يمتلك مقومات جعلتها تغاضت عن كثير من الألم والحيرة في مقتبل تعارفهما  وغرتها الأماني بان شخصيتها الآسرة كفيلة بتغيير طباعه الحادة ومزاجه الصعب ، وما ان مرت الأيام الاولى من زواجهما حتى اصبح لا يكلف نفسه عناء تجميل سلوكه معها ليصبح يومها سلسلة متواصلة من الاحساس بالاحباط تارة والثورة وعواصف الخلاف تارة اخرى ....،
وعرفت منذ شهورها الاولى الهجر والوحدة والليالي الكئيبة والاسئلة التي لم تجد لها جواب لتصبح حياتها علامة استفهام كبرى .....
ولم تجد غير امه تلجأ. اليها بعد ان اعيتها المحاولة لفهمه وإرضائه ..،.،
وكانت امه شديدة التعاطف معها وكثيراً ماكانت تخفف عنها وتدعوها للصبر قائلة :
اعلم أنك تتعذبين يا ابنتي وتتعجبين من سوء طباعه وكم توقعت الا تستمر خطبتكما ولكنني عندما لمست منكِ الصبر والحكمة أمِلت أن تكوني ترياقه من غلظته وأنكِ قادرة على تعديل مساره ليكون اكثر دماثة وحلماً  .......
هي والدموع تسبق كلماتها .....لماذا هو دوماً حانقاً غاضباً مؤنباً لي ؟
انني اتفانى في اسعاده وأعمد لتجنب مايغصبه ، لكنه لا يرى الا النقائص وان لم يجدها ، يدَّعيها حتى اظل دوماً مخطئة ومقصرة ، وهو لا يتورع عن الإساءة لي ويُغريه صبري بالتمادي  ، حتى كاد يوماً ان ينتهك آدميتي وكرامتي بالضرب ....
انه لا يرعى لي خاطراً وقد تناسى اننا مازلنا عروسين في مقتبل حياتنا والأقرب للمنطق ان نكون في عنفوان السعادة والبهجة .......
ماتصورت حياتي بهذا الشكل ولا عشت احلم بالحب والطمأنينة ليتحول حُلمي لكابوس يطبق على صدري ، ان الحياة مع رجل يرتوي بالغضب ويحيا بالسخط هي الجحيم المقيم على الارض ..........
الأم ....... هذا ما اخشاه ابنتي ، سترين نفسك مخطئة ومقصرة ومتهمة طول الوقت وستلهثين دوما خلف رضاه ولن تدركيه !!!!!!
هو نسخة مطابقة لأبيه ، لم يشبهه فقط في الملامح الجميلة بل اورثه معها للأسف قبح الطباع ، ولكِ ان تتخيلي حياتي مع رجل بهذا الشكل وابن مستنسخ منه !!!!!!!
كم عانيت في حياتي مع أبيه ، وكنت ارجو ان يكون ولدي على النقيض منه لكن للاسف المأساة تتكرر .......
لن اطالبك بان تعيشي حياتي لأنني لو عاد بي الزمان ما اخترتها ، ولكنني اطالبك بمزيد من المحاولة لتغييره لا للتكيف معه ....
لا املك لك الا النصيحة استمري معه طالما لم تفرع جعبة الصبر لديكِ ، لكن لا تفقدي نفسك ولا تسمحي له بان يحولك لمسخ لا يشبهك ......
اعلم انك تتعجبين من ان تصدر هذه الكلمات من ام زوجك ، لكنني قبل ان اكون أم له ، أنا أمراة وكنت زوجة لمن مثله وأعلم تماما التخريب الذي احدثه بروحك وقلبك .....
أثق بكِ وبقرارك ايا كان ومتى كان ........
لكنني أود ان انبهك لأمر قد تعجبين منه ، انه قد يسيء إليكٍ بطرق عديدة لكنه ابداً  لن يجرؤ على التطاول عليك بيده ولا تسأليني عن السبب !!!
تعجبت الزوجة الشابة من كلمات أم زوجها ولكنها اعتبرتها في سياق طمأنتها بأن خلافاتها مع زوجها لن تتخطي الخلاف اللفظي ، غادرتها للعودة لبيتها بعد ان احست بخفة أثقالها بعد حديثها معها ، وكم كانت تحب هذه المراة وترى فيها أمها التي فقدتها منذ سنوات ......
 وتستمر الحياة بين شد وجذب ، هجر ووصال ، افراح واتراح ، وتعرف الأمومة عندما رُزقا بطفلهما الأول ، وبرغم سعادته به الا انه اعتبره سوطاً جديدا يجلدها به فزادت اتهاماته الدائمة لها اتهام جديد بانها لم تعد تُعِره اهتماما وانها اصبحت مجرد ام ونسيت دورها كزوجة وإمراة  و..... و.....و........و.........
لم يكن يجد معاناة في كيل الاتهامات لها حتى صار  كل ماتفعله خطأ !!!!!!!!
هكذا كان يراها ، ولو مشيت على الجمر لإرضائه ، ولم تعد الكلمات التى تتخطى في إيلامها طلقات الرصاص تكفيه ، بل تجاوز كل الخطوط ذات يوم ، ليعرف كيف يلامس خدها لا بالقبلات ، ولكن بالصفع !!!!!؛!!؛؛؛!
ضربها ........
اذهلتها المفاجاة حتى افقدتها القدرة على التفكير ولم تتمالك نفسها الا وهي تغادر بيتها وتتوجه مسرعة هي وطفلها الي ام زوجها ، وما ان رأتها إلا وأجهشت بالبكاء وانهارت صارخة قائلة :
لم يتورع عن ضربي ، لم يكتفي بتسميم يومي بكلماته ونقده الدائم وسخطه غير المبرر ، ولكنه استباح كرامتي وانسانيتي ولم تعد هناك صورة من صور الإساءة إلا  وعذبني بها .....
اليوم نهاية حياتي معه ،وانخرطت في بكاء مرير ......
لم تنتبه لهذا الفزع الذي انتاب الأم حتى أخرسها ، لتنطق بعد صمت مرددة .....صفعك !!!صفعك !!!!
إذن اهلاً بالجنون ......
وقبل ان تفهم منها ماتعنيه بكلماتها سمعتا طرق شديد بالباب لتجد زوجها في حالٍ مزرية ينظر إليها باكياً متوسلاً عند قدميها كما لم تراه من قبل !!!!!!!!
لقد سمعته يتكلم بلسان غير لسانه وكلمات ليست كلماته التي اعتادتها منه ولم تكن تظن ان هناك كلمات في اي لغة من اللغات يمكنها ان تنسيها إساءته إليها لكنه تفاني في الاعتذار لها حتى انه كاد ان يقبل قدميها !!!!!!!!!!!!!
اذهلها مايفعله ومايردده من كلمات ، وكأنه جراح يجتث من قلبها كل الم وكل عذاب شعرت به يوماً معه ، وماكان منها الا ان رضخت لرغبته بالعودة لبيتهما لتبدا حياة لم تعهدها من قبل !!!!!
لم يعد هو نفس الرجل الذي عرفته لسنوات لقد اعتادت على رجل متمرد متبرم متجهم معظم الوقت ، رجل يجيد استجلاب التعاسة والعبوس برغم حداثة سنه ، لا يعلم عن مشاعرها واحتياجاتها شيء بعد ضرورات البقاء من مأكل ومشرب وترديد كل المسالب والنقائص ونسبها لكل انثى كانه قادم تواً من عصور الرق والاستعباد ، لكنه الآن ومنذ عودتها أصبحت تُعايش إنسان آخر لم تعهده من قبل ، يعرف متطلباتها قبل ان تعلنها ويتنبأ بمشاعرها قبل ان تفصح عنها ويهتم باولوياتها ويستشعر كل ماينغصها حتى لو لم تذكره له !!!!!!!!!!
حتى ظنت أنه يقراها ويشاركها الفكرة والخاطرة وكأنما أصبحت كالكتاب المفتوح بين يديه !!!!!!!
وكم سألت نفسها  : ما سر هذا التغيير ؟
كيف اصبح في استطاعته أن يتنبأ برغباتي ويتبنى وجهة نظري في كل شيء حتى كاد ان يصبح صدىً لصوتي؟
اين ذهبت انانيته ليحل مكانها إيثار لم اعتاده منه قبلاً ؟
كيف تغيرت نظرته لدوري في حياته ليصبح بهذا التعظيم الذي يخجلني ؟
وكانت كلما تحدثت معه ازدادت  تعجباً وحيرة ؟
اصبحت تشعر انها امام رجلٍ بل مخلوق آخر ، ولم تجد بُدٍ من ان تكاشف امه بمشاعرها ........
وما ان بدات تحكي لأمه عما إستُجِد عليه منذ خلافهما الأخير الذي شهدت هي نهايته ، إلا وصمتت الأم طويلاً حتى بادرتها قائلة :
هذا هو تفسير ماكنت اراه منذ ان كان ولدي هذا جنين لم يولد بعد !!!!!؛؛!!!!
اندهشت الزوجة الشابة قائلة :
لم افهم ، ماذا تقصدين ؟
الأم ..........لقد كانت حياتي نسخة مكررة من حياتك وقد انتويت الفراق عن ابيه لولا أنني ايقنت بحملي في ولدي هذا مما جعلني اتراجع عن قراري ، وقد كنت أرى دوماً رؤيا كانت تدور حول طفلي ولكن اكثرها الحاحاً وتكراراً هي تلك الرؤيا التي كنت اراه فيها يلعب مع طفلة وديعة تشاركه وتحنو عليه لكنه كان دائم الأذى لها حتى صفعها مرة فتحول لدخان وماعاد له وجود ،  و أظل ابحث عنه وتبحث معي الطفلة الباكية ، فلا نجد الا صوت يردد :
لن تجدانه مرة اخرى ، فعندما صفعها شاركته نفسه وقاسمته روحه ، كانت ذاته القاسية هي الثمن الذي سيدفعه ، سيذوب فيها .......سيتكلم بكلامها ........سيشعر بكل خلجة فيها .......سيجند حياته في الرق لها .........
وأنظر للطفلة الباكية لأراها هي ، وتارة اخرى ارى وجهه فيها .........
وكنت كلما راودتني هذه الرؤيا أُفزَع من نومي واظل أردد له منذ ان كان طفلاً ، لا تضرب فتاة أبداً وإلا تحولت لدخان !!!!!!!!!!!
كنت اردد على مسامعه هذه العبارة من قبيل إرهابه برغم أنني لم افهم دلالة هذه الرؤيا إلا الآن...
لقد فقد ذاته وطباعه وشخصيته التي جُبِل عليها عندما تخطى آخر حدود الأذي التي يمكن ان يصل إليها معكِ ليعيش صورة باهتة من شخصيتك انتِ ........ورغباتِك ومشاعِركِ أنتِ ......
لتصبحي أنتِ الآن من يقود زمامه ويتقاسم معه ذاته..............
لو كان يعلم ثمن الصفعة ما اقدم عليها .........


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق