1- غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة
في اليوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك، وفي السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة، دارت رَحَى معركة فاصلة بين الإسلام والكفر، بين الإيمان والطغيان، بين حزب الله وحزب الشيطان، تلكم هي غزوة بدر الكبرى.
إنها موقعةٌ فاصلةٌ في تاريخ الإسلام والمسلمين، بل في تاريخ البشرية كلِّها إلى يوم الدين، إنها معركة الفرقان؛ {إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنفال: 41].

وهذه الموقعة شكَّلت محطةً بارزةً في ردِّ العدوان الشركيِّ؛ إذ مكث النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بضِعَ عَشْرةَ سنةً ينذر بالدعوة من غير قتال، صابرًا على شدة إيذاء العرب بمكة المكرمة، واليهود بالمدينة المنورة، فكان يأتيه أصحابُه ما بين مضروب ومجروح، يشكون إليه حالهم، ويطلبون منه السماح لرد العدوان بالمثل، فيقول لهم النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اصبروا لأنيِّ لم أُؤمرْ بالقتال))، حتى إن بعض أصحابه قُتِل من جراء العذاب؛ منهم: سميَّة أمُّ عمار بن ياسر، وزوجُها ياسر، عذَّبهما المغيرة على إسلامهما؛ ليرجعا عنه، وماتا تحت العذاب[2].
والغزوة ليست للاعتداء والظلم، كما هو ديْدَنُ الدول الباغية الظالمة المستكبرة في الأرض، بل وسيلةٌ لدفع العدوان؛ وإلى هذا يشير القرآن الكريم في قوله - سبحانه وتعالى -: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: آية 39-40].
أضفْ إلى ذلك ما مُني به المسلمون من الظلم والاعتداء، وما أُكرِهوا عليه من الإخراج من الديار والأوطان بغير حق؛ ويقول الله - سبحانه وتعالى -: {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق