****من ذاكرة الاغتراب ****
...كنت وحدي أقارع سوداوية الليل , بانتظار ضوء الفجر , آه ...ما أقسى اللحظات ! حين يختفي الحمام ...! وتصمت البلابل ...والعصافير ؟...فيما تنغرس في دمي مئات الخفافيش ....وهيهات ..هيهات أن تندمل جراحي فالشوق إلى الأحبّة يضطرم , والليل يطبق بسدوله عليَّ بلا رحمة .....وحدي أحاكي رمادية كلّ الأشياء الخرساء ...مصابيح الكهرباء ...عميت ...الهاتف صمتٌ ثقيل ....التلفاز لغة الموت ...الفراش صقيع الهجر ....كلّ ما حولي مغلّفٌ بالصمت ..الأواني ...موجودات البيت ....الصور المحنطة على جدران الكآبة ......فيما أشباح الذكريات تتداخل أمام ناظريّ .......كلّ شيء حولي غدا يعشق ضوء النهار .....وقد طال الليل , وأخذت الآهات تتصاعد بعنف , باحثة عن ظلال الأصدقاء ....وبينما أنا غارق في هواجس الوحدة والأشجان شعرت ببرودة لاذعة , بعثت فيَّ روح الحركة ...فمزّقت سجف القنوط ,. وتناولت المذياع الصغير ..ورحت أعيش أحلاماً جديدة مع أغنية أمّ كلثوم (أنت عمري ) ...حيث بدّدت كلَّ ماأنا فيه ... وجاء الفجر الجديد ...فعشت في حديقة حبٍّ تراقصت فيها كلّ أيام الطفولة والشباب ....انبريت ألملم طاقاتٍ من الورد الجوريّ والياسمين ...وشمخت أمامي قوافل من نخيل الحبّ والأمل , ونداءات قلوب الأصدقاء الملهوفة
وحلَّ الربيع الزّاهي في خضمّ الشتاء القارس ...وغصت في حُلُمٍ عميق لأعيش باللا أدري كنهه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق