تبدأ قصتى منذ أن جئت إلى هذا العالم المخيف الذى كنت أطل عليه من خلال نافذة صغيرة لا تتيح لى الفرصة للتعرف على هذا البشر الغريب فأصبحت لا أعلم شىء عن عالم البشر.. اتسمت منذ صغرى بالصمت الدائم والخجل المستمر ..انطوائية للغايه..قليلة الكلام وحتى أهلى حاولوا أكثر من مرة أن يجعلونى أختلط بالناس حتى أستطيع التعامل معهم ولكن لا أستطيع ..قضيت عمرى وراء النافذة الصغيرة أنظر وأتساءل ما هذا العالم الغريب؟ حتى كبرت ومازالت النافذة صغيرة عشت طوال حياتى على هذا الحال دون أصدقاء حتى أقاربي كنت أشعر دائماً بحاجز كبير بينى وبينهم.. كنت معزولة عنهم تمام العزلة وعندما اتواجد بينهم يكون شعورى وكأننى فى صندوق من زجاج أراهم ويرونى ولكنى لم أتعامل معهم أو أشعر بوجودهم ربما يكون الحاجز قوى ..مضت حياتى هكذا داخل الصندوق كانت حياتى عبارة عن حياة فارغة أعيشها وحدى لم يوجد بها سوى قلم وورقة يرسمان حياتى الأخرى وهى عباره عن قصص خيالية منعتنى حياتى المعزولة أن أعيشها فى الواقع وكلما أردت أن اتعايش فى قصة حب تبدأ يدى فى كتابة الحروف والكلمات التى لا أستطيع أن احققها ..أكاد لا أصدق نفسى عندما أظل لفترات طويلة وأنا أكتب واتعايش أحداث وهمية وحينما أنتبه أجد حياتى فارغة دون أحداث كنت اتعايش دائماً فى الخيال ولم أعرف شىء عن واقع الدنيا .. كنت أشبه الكتكوت داخل البيضة ولكن وفجأة جاء من يكسر البيضة ويخرجنى إلى الحياة..وما به إلا وأن يمسك بيدى لكى أخطو معه داخل هذا العالم الواسع ..عالم البشر..حتى أخلع ثوب الصمت والخجل الذى ارتديته منذ الصغر واتحول إلى إنسانة أخرى ..ولكن كيف له أن يغير حياتى التى اعتدت عليها منذ طفولتى ؟ ومن هنا تبدأ القصة :إنه فتى أحلامي الذى أخذني من عالم الخيال إلى عالم الواقع ..التقيت به صدفة فى إحدى الشوارع كنت مع والدتى وخالتى فى اليوم العشرين من رمضان نتجول أمام محلات الملابس لنشترى هدوم العيد ومن وسط مئات الأشخاص خطفنى بريق عينيه فوجدتنى هائمة تائهة مبعثرة الخطوات .. نعم أحببته من النظرة الأولى.. لا أعرف كيف ولا متى ..ظل ورائى يطاردنى فى كل الأماكن كنت أحاول أن أتجنب رؤيته حتى لا أقع فى حب هذا الشخص المجهول ولكنى وقعت بالفعل دون أن أشعر.. ظل يحاول التحدث معى بالإشارات ولكننى لم أستطيع أن أنظر إليه كنت فى خجل شديد ..قضينا حاجتنا من المشتروات وحان وقت رحيلنا وما به إلا وأن يأتى لمقابلة والدتى وسط الشارع وكانت المفاجئة إنه طلب منها يدى .. أما أنا فكنت فى زهول تام مما رأيت لا أستطيع أن أستوعب ما يحدث أمامى إنها حقاً تشبه القصص الخيالية التى أكتبها ولكنها فى هذه المرة حقيقة واقعية ولكن غير مصدقة ..أخذ يتحدث مع والدتى عن نفسه ولكن والدتى كانت مذهولة أيضاً فكان ردها له هو : بنتى مخطوبة..فوجدته ينظر إليَّ فى حزن ثم وفجأة ذهب هذا الشخص من أمامى وأخذ يبتعد.. فوجدتنى بدون أن أشعر ذاهبة وراءه فى لهفه ثم توقفت حتى لا تلاحظ أمى ولكن عينى مازالت وراءه تناديه وتقول أنا مش مخطوبة..كانت لهفتى تظهر فى نظراتى له وكأننى اتوسل إليه أن يعود وفجأة وجدته يلتفت إلى الخلف وعندما رأنى ناظرة إليه توقف وبدأ يتجه إليَّ بالخطوات البطيئة إنه يعود.. نعم يعود فى هذه اللحظة كانت ماما بتوقف توكتوك ..كان يقف هذا الشاب بعيدا وبدأ يلاغينى بالإشارات ويقول بيده (بكره الساعه الثامنة هنا ) فهمت من إشاراته إنه عايزنى اقابله بكره الساعة الثامنة هنا فى نفس المكان لكن طبعا مقدرش أعمل كدا كنت عايزة أقوله لا مينفعش لكن مكنتش عارفة اشاور له قدام ماما .. وفجأة لقيت ماما وقفت توكتوك وبتقولى اركبى .. كنت أنظر له فى حزن النظرات الأخيرة وهو مستمراً فى الإشارات ويؤكد على ميعاد الساعة الثامنة أما أنا فلم أستطيع الرد عليه سوى ب إشارة واحدة وهى إنى هزيت رأسى يمين وشمال بكلمة لا وأنا قلبى يحترق بين ضلوعى ربما كانت تعنى هذه الإشارة كلمة مقدرش وليس رفض كانت نظراتى الأخيرة له تحمل أوجاع لم أشعر بها من قبل كان شعور مؤلم ولكن ما كان عليَّ إلا أن أذهب.. ركبت بالفعل وذهبت وأنا أفقد الأمل فى رؤيته مرة أخرى ..ظللت طوال الطريق أفكر فيه وأتذكر نظراته إليَّ واغمض عينى وأنا أتمنى أن تعود عجلات التوكتوك إلى الوراء ولو للحظات..وفجأة سمعت خالتى بتقول لماما ممكن يكون الواد اللى قابلناه ده ماشى ورا التوكتوك ردت ماما وقالت لا يا شيخة مش معقول طبعا .. بصيت لخالتى وقلت فى سرى ياريت .. وعندما وصلنا إلى المنزل نزلت من التوكتوك وأنا أنظر بحزن إلى الشارع الذى أتينا منه .. نزلت والدتى معى وذهبت خالتى ثم دخلت الحوش أنا ووالدتى كنت طالعة على السلم حزينة .. مكسورة .. حاسة إن فى حاجة ضاعت منى كنت أرى صورته على كل سلمة أمامى ثم اغمض عينى لأمنع دموعى من النزول وعندما وصلنا الشقه دخلت أمى إلى أبى وقالت له : بنتك جالها عريس النهاردة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق