الحسناء والشيخ الوقور
ناداها، وحَشْرجَةُ الرُّوحِ ،
تنُوءُ بِحمْلها شَظايا الفؤادِ ،كَمَنْ،
بِطولِ المسيرِ ،أتْعَبَهُ السَّفَرْ :
لَكَمْ بحَثتُ فيكِ عنكِ ،فَما ...
وجدتُ سِوايَ ، أجْتَرُّ جنوني ،
وينآى بي ثِقْلُ السِّنينِ...
وَعِبْءُ الْكِبَرْ .
سافَرْتُ في مَداكِ...
تَشُجُّني أُنَّاتُ هَواكِ ...
فَخِلْتُني ،كأيامِ الصِّبا ...
تُدغْدغُ أحلامي أُلوفُ الْفِكَرْ .
أنا يا طفلتي ،في خريفِ العُمْرِ ...
يَقتاتُ مِنْ أنَّاتي أزيزُ فُؤادي ،
وَيصْحَبني ،إذا خَلَوتُ ...
وَحْشُ الضَّجَرْ .
أبِيت أئنُ وصدري يفور ،
أُداري جروحي ،
ويَعصر قلبي من فرط حنيني...
سُكونُ الليلِ، وطول السهَرْ .
وأنتِ يا طِفلتي...
في عُمرِ الزهورِ ،
صَحا فيكِ الهوى...
فَدَمِّرَ غَصْباً، بُروجَ الْخَيال ِ،
وَلَمْلَمَ بالوَهمِ الْكبيرِ،
بَديعَ الصُّورْ .
وأنتِ يا طِفلتي ...
إذا عَدوتِ ، يَهِيمُ الفراشُ ،
وَتَشْدو الطيورُ ،
ويَلهث ، شَوقاً إليكِ...
أريجُ الزَّهَرْ.
فها أنا ، حِين أراكِ..
أراني يُحلِّقُ بي ضميرِي بَعيدًا ،
ويُخْزيني بيْنَ الأنامِ ...
شِيبُ الْكِبَرْ .
لِأني في الفصولِ خَريفٌ ..
تلاشَى الجمالُ فيهِ ،
وفيكِ يا ربيعَ الحَياةِ..
أوْرَقَ غُصْنُ الشَّجَرْ !
فٱملئي الدنيا نشيدًا...
وٱنثُري العطرَ وُروداً ، رُبما
أسْتَعيدُ رُؤايَ ...ويَحلو ،
عن الماضي صَرْفُ النَّظَرْ .
صاحَتْ ،بعْدما شَدَّ الرِّحالَ،
وصار بعيداً... يجر الخطى ،
وكادَ يَغِيبُ عن مد البصَرْ :
أنا ...يا شَيْخي الْوَقور،
رُغْمَ الصِّبا ،أهْوَى المَشِيبَ ،
وأهْوى فيكَ ..
الفُؤادَ الرَّحِيبَ المُنكسِرْ .
خُذْني إليكَ وَضُمَّنِي ،
فَمَا همني طَيْشُ الشَّبابِ ،
وفَرْقُ السِّنين ِ،
ولَوْمُ العُذَّالِ ،
وقول البشر ...
للشاعر المغربي
رسام الشرود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق