بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 أغسطس 2016

عذراً نزار / بقلم الشاعر / قصي العلي

عذرا نزار
    ***************
صدقت أساطير الجمال وعودُها
وتجسدت بين الورى عشتارُ
قد كنتُ أحسبها سراباً هائماً
أو وهم حسنٍ قد بناهُ نزار
*****************
قد كنتُ أمشي في سطور حكايةٍ
بين الحروف تسوقني الأفكارُ
    
تمضي بقلبي نحو كوخٍ معتمٍ
لا روح فيه وسقفه أمطارُ
    
وسمعت خلف الباب صوت عجوزةٍ
قالت تقدّم إنك المختارُ
    
فغرقتُ في بحر الظنون وغيبه
    فلما أنا تختارني الأقدار
    
قالت صغيري هل شهدت أميرة
    قد تختفي من نورها الأنوار
    
هامت بها الأكوان تحكي حسنها
    وتناقلت أخبارها الأقمار
    
غنّت لها الأطيار لحن ربيعها
    فتمايلت من شدوها الأشجار
    
والورد أنجب عطره من ثغرها
    وتلونت من خدها الأزهار
    
كلٌّ تهاوى من ضراوة حسنها
    وتزاحمت في وجهها الأبصار
    
هي ثورةٌ في الحسن قلّ نظيرها
    فقلوبكم و حواسكم أنصارُ
    
ستحبك من ألف ألف متيمٍ
    مهما بدا في وجهها الانكارُ
    
لكن لتحيا في نعيم وصالها
    فالأمر فيه مخاطرٌ و حوارُ
    
أما المخاطر يا صغيري حلّها
    قلبٌ جريءٌ مخلص مغوارُ
    
واجعل كلامك في حوارها ناعماً
    كالأرض تروي جوفَها الأنهار
    
*************
    
فتكَ الفضول بأعيني ومشاعري
    و تجوّلت بين الرؤى الأخطار
     
ما شكلها ما سرّها ما حبها
    أمضي وفكري تائهٌ محتار
    
حتى بلغت مدينةً يحكى بها
    عن قصةٍ تغتالها الأسرار
    
ووقفت في حاناتها متسولاً
    فتجمعت في جعبتي الأخبارُ
    
أن الأميرة قد تفتح وردها
    وتكاثرت من حولها الأطيار
    
كلٌّ يسوق أمامه مهراً لها
    ذهبا تضيق بوصفه الأخبار
    
وفوارسٌ جاءت تجول بخيلها
    وسيوفها أطوالها أمتارُ
    
وأمام باب القصر جمعٌ هائلٌ
    من كل حدبٍ جاءها الشعّار
    
*****************
    
في لحظةٍ أحسست أني خاسرٌ
    بيني وبين حبيبتي أسوارُ
    
لا سيف لي لا مال لي فالويل لي
    مالي صفاتٌ تُذكر و ثمارُ
    
فرجعتُ أحملُ خيبتي ومواجعي
    مستسلماً و مدامعي أنهارُ
    
حلمي الذي أحرقت فيه مراكبي
    كُسِرَ الشراعُ .. فأغرقته بحارُ
    
*****************
    
ضاعت دروبي في الهروب بغابةٍ
    فحسبت قلبي في الطريق يُدارُ
    
وجلست قرب النهر أحكي حكايتي
    لمياهه فتجيبني الأحجارُ
    
أنت الذي ضيّعت منك حبيبةً
    تباً لك من عاشقٍ ينهارُ
    
ما بين صمتي وانكسار مشاعري
    وصيام روحي جاءني الإفطار
    
جاءت فتاة والكواكب حولها
    فالوجه بدرٌ و الضياء خِمارُ
    
قالت بأنها قد أضلّت قصرها
    وتعاقبت في ليلها الأسفار
    
ملّت تماثيل الغرام و صمتَها
    واستُنفذت في رفضها الأعذارُ
    
مع كلِ حرفٍ قد بدا من نطقها
    أحسستُ أني في الهواء غبارُ
    
لم أستطع حتى الكلام بصمتها
    فكأنما كل اللغات دمارُ
    
خانت حروفي أدمعي و لسانيا
    إن الكلام مخادعٌ غدّارُ
    
**************
    
جمّعت بعضي واستعنت بأعيني
    هي وحدها لم يعمها الإعصار
    
و غزوت بالنور الضعيف شموسها
    فتمزقت من صدقه الأستارُ
    
و فتحت أبواب القلاع بنظرةٍ
    لم يستطعها فارسٌ جبّارُ
    
وركعت في محراب عينها خاشعا
    وخلعت نعلي فالمكان مزارُ
    
وهناك في بحر الضياء سفينةٌ
    كم يحلو في أمواجه الإبحارُ
    
جلستْ بها أرواحنا تتحادثُ
    لغةً جميع حروفها أوتارُ
    
أحببتك من غير أن تتكلمي
    إن الكلام لساكنيه جدارُ
    
كلٌ يريدك زوجة وعشيقةً
    أما أنا فحبيبةً أختارُ

قصي العلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق