" أين أنت"
أين أنت . . ؟
أين الوعود . . ؟
لماذا يا صغيرتي هذا الجمود . . ؟
أولست أنا بأحرفي المزخرفة
كنت لك حبيبك اللدود . .
وقلت لي:
أنتِ في حكايتكِ الخرافية
الطائر الموعود . .
أقالوا لك ارحلي واتركيه هناك
متكئاً على الطحالب التي أنبتها الشوق
بين طيات جلمود . .
أقالوا لك أنهي الحكاية
في عبارة " سوف أعود وقد لا أعود "
أين أنت . . ؟
أين؟ العصافير التي
كانت تسبقك إليّ
لتقول لي:
أنك محتارة أي ثوب ترتدي
وأي لون فوق شفاهك يرقد . .
ولتخبرني
عن وشوشة الأصابع الرمادية . .
وقولك لها
هل يجوز أن أرتدي العقد الذي
أهداني إياه في ليلة مولدي . .
أين أنت . . ؟
أين ضاعت ابتسامة الثغر الندي ؟
أين باتت سراديب الظلام؟
وكيف باتت تهتدي . .؟
أين رونق العناق اللطيف ؟
الذي كان في حرمة الاشجار
بطفولة على الأغصان يعتدي . .
واليوم بات
تفصيلاً سخيف . .
حسب اعتبارات ألفاظك المزيفة
لا حسب ألفاظي وقولي . .
أين أنت . . ؟
أين أنت يا خرافة الميعاد . . ؟
أين اللقاء المنتظر في دمشق . . ؟
أين سريري المعبد بالزهور . . ؟
أين قهوتي ؟ أين تبغي ؟
وأين العطور ؟
أين شراشف العشق الثائر . . ؟
أتذكرين ما كانت تقول ؟
أين بهجة العيد الأول ؟
أين فرحة اللقاء الأطول ؟
وأين الحبّ ؟
الذي كان يوماً
زهرة في وعاء العشق بتول . .
واليوم بات في حدائق الانتظار
مبلل وبدماء الفراق مبلول . .
كاذب من قال لك
أنّي أمير . . ؟
أجوب مع الجواري في الحقول . .
وأقطف كلّ يوم نهداً
من بين ما تطال يدي
ولا تطال باقي الفحول . .
أنا يا صغيرتي
أجوب في مخيلتي
أقتات من الحروف
وأقلامي ليست سيوف . .
وإن سريري " كراستي "
والحبر قهوتي الصباحية . .
وقهوتي المسائية
من بذار البن الرخيص
أحتسيها خلف طاولتي المنهكة
المزينة بقصاصات من كتب
الشعر الدرويشي
وبزهور من الكتب القبانية المقدسة . .
ونفحات ثلجية من الشعر البلغاري . .
فالعطر في جينات أفكاري
والقوافي سرّ خلف فهرس أسراري . .
وأوراقي زوارق
تحمل القليل من خمر الخيال
مع نفحة صوفية شرقية
ثائرة على التجمد . .
في بحر الأحلام تطوف دون تردد . .
هذا أنا . .
أنتظر هنا . .
في حرز الوعد الأزرق المنسي
فأين أنت . . ؟
يا قصيدة تحوي
من الحروف الباردة ألوف . .
ولا تحوي فاصلة نستريح بجانبها
لثانية حنين لا ثانية خوف . .
يا قصيدتي التي أصابها
جنون الخريف . .
يا قصيدة مبهمة
يا قصيدة التعسّف والخسوف . .
محمد عمّار/سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق