بطالة ...
شعر : صطفى الحاج حسين .
تلوكني الدّروب .. تزدرد خطوتي
تتقاسمني المنعطفات
يزحمني الرّصيف .. بالباعة والمهرّبين
وتنهشني اللافتات
عمّن أسأل في الضّجيح ؟
وقبضتي تلتحف جيوبي الخاوية !
عمّن أسأل ؟
وخطوتي تكاد أن تفارقني !
ومن يسدي لي التّحية ؟!
عبثاً ..
أبحثُ عن فضاءٍ ليديّ
عن عملٍ لقلبي
وأجوب المدينة المغلقة
آهٍ .. أيّتها المدينة المغلقة
ياالّتي انبثقت من ساعديّ
وانتصبت كالماردِ فوق لقمتي
أيّتها المتخمة بالمتخمين
دثريني بالرغيف
بهمسة انفلتت من نافذة
هدهدي أحراش حزني
وضمّي لأشجاركِ نجيعي
مابذرناكِ كي تحصدينا
ما أرضعناكِ دمنا لتنهشي النّبض
لأجلكِ ابتكرنا الغناء
نحنُ من شيّدَ النّسغ
من أعطاكِ الاسم
فهل تبخلينَ على دمنا
بالاحتواء ؟!
نريدُ أن نشرب مانزفناه
نرتدي ما تساقط منّا
فلا توصدي على فمنا الرّغيف
أيّتها المدينة
هل أستطيع احتساء دمي ؟!
ياأيّها البلد القتيل
الحلم الذبيح
ياحبُّ ...
لا أملكَ لأشتري حفنة من هواء
ولا أحدَ يشتري ابتسامتي المتعبة
سرقوا أسماءنا
علّبوا أحلامنا
باعوا مصير القادمين
ياأيّها البلد القتيل
كيف نواريك .. وأين ؟!
غداً يأتي من يطردنا
يكنسُ دمنا المراق
فهل نطلبُ لجوءاً كالجرذان ؟!
وننصب خيامنا في المقبرة !
كلاباً نحرسُ ثرواتهم
خيولاً تجرّ دمنا اليهم
نطلبُ السّوط يداً حانية
الرّصاصة لقمة
أيّها البلد القتيل
كيف نسفح دمنا وقد استنفذوه ؟!
انٌهم يصنعون من جماجمنا طحينهم
من دموعنا نبيذهم
آهٍ .. أيّها البلد القتيل
في زحمةِ الجّوعِ زاغت أنظارنا
ولكنّنا نذكرك
نصوّب نحوك أصابعنا
يابلداً قتيلاً
تأكلنا الدّروب
ونحنُ أسراب تلجأ إليكَ
هل نكفر بالشّمس إن ساطها الليل ؟!
هل نشتمُ الينابيع التي انبثقت من عروقنا ؟!
وهل نساوم على رؤانا ؟!
هذه البلاد لن تستباح
مهما فرقع الرّصاص في أحشائها
لن ينحني الأفق للركام
لن يصبح القمر لافتة للمرابين
يابلدي القتيل ..
يابلدي الجميل ..
يابلدي الجميل .
مصطفى الحاج حسين .
حلب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق