بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 9 فبراير 2017

خَيَالُ الصَّمتِ/ بقلم الشاعرة / سلوي متولي

مقالة بعنوان ( خَيَالُ الصَّمتِ..) بقلم الشَّاعرة / سَلوى متوَلِي
باحثة دكتوراه، لغة عربية ( أدب ونقد )
كلية الآداب جامعة القاهرة

حينما كنت أتجول في سوق المدينة، طافت برأسي خيالات مجنونة، كنت أفعلها حينما أشاهد التلفاز، ويحلو لي أن أجعل الكون صامتا، وأشاهد حركة الناس، وتعبيراتهم، فتنتابني سخرية لاذععة، فأحدهم يرقص كمن أصابه الجنون وأحدهم يضحك برتابة، وأخر يصرخ على طريقة الوحوش.....
* * *
وقلت في نفسي، هل يستطيع ذلك الوجود أن يصمت للحظات ، فيستطيع رؤية الذات، والكائنات تسعى ، وتسعى..ولا فارق أحيانًا بين عالم الغابة، وحياة البشر، إلا في موانع يستحيل إذابتها، يتسبب فيها اختلاف البنيان ، والعقل، والجسد.
وبينما كنت أسير في خيالي الذي اصطنعته توًّا، كنت أرى البائع يتكلم، ولكنني في عالم آخر، وقد عرفت من نظراته، بعض الظن في سلامة عقلي، وزادت رغبتي شطحًا، فطمحت أن تتجمع صورة الكون في لوحة واحدة، أو شاشة واحدة، ولكنني خشيت على نفسي، فكيف يا ترى سيكون حالي إذا تثنى لي ذلك؟
* * *
وانتابتني ضحكات عاجزة مندهشة، فقد تركت هذا الطموح، وانتقلت بذاكرتي لفكرة أخرى طالما ألحت على رأسي المتحيرة أبدًا، وهي صورتي في عيون من ركب البحر، أو من اعتلى البرج، فكم كنت أذهب مع والدي للمسجد؛ ولأنه يطيل الجلوس بعد الصلاة، كنت أتسلل للمئذنة،وأصعد ، وأصعد ..ثم يحلو لي بعد ذلك التأمل في السماء أولا، ثم النظر لأسفل ثانيًا، فكنت أنبهر بشكل الناس الصغير جدا جدا ، كأنهم لعب متحركة، كنت أتأمل كل ذلك ولا يوقظني من هذا التأمل الساحر غير ضحكات أبي الذي اعتاد أن يحملنى بين يديه ويعدني بالحلوى كي لا أغضب من ترك المئذنة.
***
ولكنني حينما أنزل، كانت صورة الأشياء تبقى في ذهني، ولازالت، وكم مرة ذهبت مع صديقتي للمسجد، وتمنيت الصعود، لكن هيهات فقد منعت رزانة الزمن، ما كانت تبرره سذاجة الطفولة.
وتبقى في ذهني الأسئلة المحيرة،لماذا لا تكون صورة البشر التي نراها نحن خاطئة، وتكون صورتنا للناظر من أعلى هي الحقيقة، نحن نرى النمل صغيير جدا، ولكن النمل لا يرى نفسه كذلك، فكم كان عش النمل الذي يسكن تحت الشجرة مزارًا يوميًا لذاتي المتحيرة، كنت أسأل النمل يا ترى كيف تراني؟، لابد أني مثل الديناصورات عندكم.!!!!
* * *
فما الحل لضبط إيقاع الرؤية عند الإنسان، هل يحتاج إلى مكان فيتغير فهمه، كأن يصعد برجًا، أو يعتلى أعلى مبنى في الكون، هل يحتاج أن يصعد طائرةً ، أم يعتلى القمرَ، آه القمر..
لقد كان اللية مضيئًا، كأنه يشاركني الفهم،ورحت في عالم من النور ، أسأل الذات، لو كُنتِ مكان القمر فهل سترين الحقيقة؟! هيهات فضيق الحواس سجن أبدي، فأية عين تستطيع أن ترى الكون في صورة واحدة، وأية أذن ستتحمل ضجيج البشر، أيُّها القمرُ، عَجزُنَا قدرٌ..عجزُنا قدرٌ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق