حديث الأمس
ضَحِكنا مِنْ حَدِيثِ الأمْسِ لمَّا
تمثَّلتُ الصِّبَا وأنا المَشِيْبُ
هَوَانا يَطلبُ الذِكرَى نَدِيْمَاً
فحَاضِرُنا أصَمٌّ لا يُجيبُ
بلا خَجَلٍ رَوَيْتُ إلى رِفاقِى
وإنْ قِيْلَ الذى يُرْوَى مَعِيبُ
سَذاجَةَ صَبْوَتِى وأنا غُلامٌ
بلمحَةِ خَاطِرٍ يأتى اللَّهيبُ
وكيفَ بَصُرتُ سَاقاً مِنْ سِتَارٍ
ومِلءُ الصَّدرِ مِنْ لَهَفٍ دَبيْبُ
لِغانِيةٍ ظننتُ بها غَرَامِى
وخِلتُ بغُلمَتِى أنّى الحَبيبُ
بصِدقٍ كانت الدنيا ربيعاً
فرَوْضُ العَيشِ مُتسِعٌ رَحِيبُ
يَمُوْجُ الخلقُ في لهْوٍ وفرْحٍ
ويَندُرُ في مُخَيّلتِى الكَئيبُ
بأدنى كُلفَةٍ يُجْنى سُرُوْرٌ
حَفِىٌّ لا يُدَاهِمُهُ المَغِيبُ
برُؤيَةِ مَشهَدٍ في دَارِعَرْضٍ
بصُحْبَةِ صَاحِبٍ مِنِّى قريبُ
وبعدَ العَرْضِ في الطرُقاتِ نشدُو
بلحْنِ تفكُّهٍ عَنَّا يُنِيبُ
ليُخبرَ مَنْ وَعَى أنا شبَابٌ
تصَعْلكَ لا تُفرِّقهُ الدُّرُوبُ
يُسَائِلُنى جليسٌ مِنْ رِفاقى
صَغيرُ السِّنِّ , مَنطِقهُ مُصِيبُ
أُحِسُّ بأننى أصبَحتُ كَهلاٌ
وطيرِى رِيشُهُ الغضُّ الزَّغِيبُ
أتُدرِكُ يا تُرَى فحْوَى سُؤالِى ؟
أجَبتُ بأنَّهُ شيئٌ مُرِيْبُ
إذا ما باتَ قولُكَ ذِكرَياتٌ
فيا بُشرَاكَ , قد حَلَّ المَشِيبُ
تغيَّرَ وَجْهُهُ عَنِّى بطرْفٍ
وكنتُ أظنّهُ عِندِى اللبيبُ
شدَدْتُ على يَديْهِ وقلتُ : كلّا
أتسمَعُ ما يُرَدّدُهٌ الأدِيبُ ؟
حَديثُ الشِعرِ مَبْعَثهُ خيالٌ
تبسَّم قائلاً : شيئٌ عَجيبُ !
*****************************
بقلم سمير حسن عويدات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق