- "سِيدي الشَيْخ -
تَذْهَبُ بإتجَاهِ بيْتِ الشيْخِ
فَيَقُولُ لك صبيٌّ
واقفٌ يحْتضرُ
إنّهُ هُناكَ واقفٌ فوْقَ الشجرَةِ
تقُولُ في نفْسكَ أشياءَ منْطقية
مثلا لوْ قتلتُ هذا الرجُلَ
هلْ سيُعدمُني الله كقاتلٍ
أمْ كقاطعِ أرْزاقٍ
و قدْ تُخامرُك فكْرةُ الهُروبِ
في قاربٍ عنْدَ الفجْرِ
لأنَّ زوْجتكَ لمْ تعُدْ تحْتملُ
مُعاشرتَهَا مرّةً واحدةً
أوْ لأنَّ حبْلَ الغسيل
تَقطّعَ بفُسْتانها اللوزيّ
و انْكشَفَ صدْرُهَا أمامَ فُحولة
الريح
جئْتَ إذنْ مُحملا
بطَاقةِ المسْكين و الحائر
و المُخْتّل العاطفيّ
قال لي الشيْخُ
وقدْ ردَمَني بالبخُور اليمَنيّ
سأزوّجُكَ جنيّةً
و أُرْجع لك َ شبابكَ
و أُرْسلُكَ في مُهمَةٍ
إنْ نجحْتَ و عُدْتَ
سأُسميكَ أميرَ خزائن المنْفى
كُنْتُ أظُنُّ أنَّ كلمةَ الشيخ
مثْلَ الرُتْبةِ العسْكريّةِ
حادّةُ النُطْقِ
لذلَكَ فعَلْتُ كما أمَرتْني أمي
و أضَفْتُ لها توْصيفَ "سِيدي"
رُبّمَا قدْ ينفَتحُ بابُ عرْشي
و أرْتاحَ منْ ثرْثرة زوجتي
و تُحَلُّ بوَجْهي كُلُّ عُقَدِ الرجُلِ
الريفيّ
نَضُجْتُ يا أمي
لكنّكَ تُوفيتِ
و لم تسْمَعي
بقيّةَ الحكايةِ
كُنْتِ ستَغْضبين بالتأكيدَ
كُنْتُ سأفرحُ مثْلَ فرْخِ اليمَام
حينَ يسْتَلُّ منْ ريشهِ الحياةَ
كُنْتُ سأفرَحُ لوْ عشْتِ أكْثَرَ
بقليلٍ
و غَضبْتِ
حينَ أهَنْت"ُ سيدي"
شيْخَ البلادِ
هُناكَ .....مقْبَرَةٌ
و رجُلٌ يرْوي لعُشْبَةٍ مُبْتَلّةٍ
بالضَمأْ
يَرْوي لهَا هذا النبأْ
لقَدْ سارَتْ القوافلُ لِنُصْرةِ فلسطينَ
لكنّهُمْ أضاعوا الطريقَ
في الطريقِ
و انْفَجَرَ اللُغْمَ الأرضيُّ
على ساقِ جُنْديّ
كانَ يلْهُو بتاريخِ زواجهِ
المُرْتَقَبْ
هَلْ نَقْبَلُ يا أمي
عزاءَ هذا الجُنْديّ
في ساحَةِ المنْفَى
أمام الخنْدَقِ المُهْترىء
أمْ في بيْتِ الشيْخِ
حيْثُ لا تزالُ صُورةُ علمِ
فلْسطينَ تَحْتَرقْ........
الولَدُ المُفْترَضُ إسْمُهُ ضياءٌ
البنْتُ إسْمُهَا أمَلٌ
تُدنْدنُ أمُّ الشهيد
طوالَ المسيرَةِ
بهذا. ...
ضياءٌ. ....أمَلٌ
ضياءٌ......أمَلْ
لكنَّ الفاعلَ يا أميّ مجْهُولٌ
أوْ ربّمَا كانَتْ ساقُ الجُنْديّ
صكَّ توْبَةِ اللُغْمِ
لإنْحرافهِ عنْ الهَدَفْ
الفاعلُ مَبْنيٌّ للصَمْتِ
قَابعٌ خَلْفَ التلْفازِ
يُشاهدُ آخر "كليبٍ" غنائيّ
لراقصَةٍ قبْل الإعْتزالْ
و يُدَنْدنُّ حينَ تَحْرقُهُ
بصَمَاتُ الشاي
"وين الملايينْ....الشعبُ العربي
وينْ"
بدُونِ ذكْر خصال الشهيدِ
لقْدَ كانَ يحْلُمُ بأنْ يتزوّجَ
بنْتُ قَرْيته
فَهْوَ لا يعْرفُ كيْفَ يكونُ
الحُبُّ خارجَ قَرْيتهِ
و كانَ يُحبُّ كُرَةَ القَدَمِ
و يضْربُنا بشدّةٍ
حينَ ننسى نوْبَةَ حراسَة
الوطَن
منَ الأشْباحِ السَوْداءِ
كَانَ الشهيدُ ماهرًا
في الرمْي بالبُنْدُقيّة
لكنَّهُ يخَافُ ذنوُبَ
الرمْيَةِ الشاردَةِ
كانَ الشهيدُ ..كانَ الشهيدُ ...كانَ...كانَ
الآنَ..... هو الشهيدُ
هُوَ سيّدُ قَصْرهِ
يَنْتظرُ قاتلَهُ
ليسألَهُ
لماذا وضَعْتَ اللُغْمَ
في طريقِ الدَوْريّة الخَطأ ..........
عبدالفتاح نفاتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق