بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

كمال مسرت ======= استصرختك بالأمس يا عربي

همسات مراكشية
========= 
قصيدة بقلم
====== 
كمال مسرت
======= 
استصرختك بالأمس يا عربي ..
================
وَيْ أًخَيْ ..
استصرختك بالأمس يا عربي ..
 حين كانت وحيدة ..
و أنا غريب مثلها .. و اليوم ..
أسابق خطى العار على هشيم الحدود ..
فلمْ تنصرني يا ابن أم ..
و قد فار التنور يا عربي ..
فاستحال دمي غربا ..
و أنا غريب ..
و هي وحيدة ..
حتى ارتوت منه الفيافي ، و جحور النوام ..
حين رأيتك ..
تغض الطرف عن أطلال مدرستي ..
كنت و الجويريات نرسم طريقنا نحو حارة ..
الموتى ..
على دفاتر التاريخ ..
و أنت يا ابن أمي تبتسم لترانيم مجزرتي ..
تناديك حروف كراسة الأناشيد ..
القومية ..
الملونة بالأبيض الرمادي ..
و بدمي المهدور ..
المبعثرة على أشلاء طفولتي ..
أيها العربي  ..
تحت التراب حيث أنا موءود ..
و فوق الأنقاض حيث لازلت كظل الفناء ..
ممدود ..
فاسأل عني ابتسامة قمري الزئبقي المنكسر ..
على بريق دمعتي ..
أو اسأل أغصان الغرقد الغريبة ..
عن بَحِيرَتي و خساسة الأعراب ..
عن التاريخ و قريتي السائبة ..
وراء سياج العروبة ..
وَيْ وَيْ  أًخَيْ ..
حاربتُ وحدي مرتين ..
قتلتُ اليوم مرتين ..
بعثتُ اليوم مرتين ..
و لمْ أسمع شيئا عن البعث و الحساب ..
و لا عن قوميتي إلا القليل من النواح و النباح ..
انبجستُ من ظلمات ثلاث ..
مرتين و مرة ، ثم ألف مرة و مرة ..
بلا كفن يستر شرخ عروبتي ..
و لا قِماط يلملم شتات أمتي ..
أبحثُ و أمي عن هويتنا ..
فتلاقينا قنابل نووية روسية ..
يلفظني و أمي اليم و جُمَلُ التاريخ ..
و كل الحدود اسرائيلية ..
و صاحب الحوت منبوذ بالعراء ..
يستره الثرى ..
بين دمعة الحجاز و صرخة الشام ..
فكنت أسأله عن جواز سفري ..
الذي ضاع في الغارة ..
و عن بطاقة والدي لنرحل عن هنا ..
من هاهنا ، إلى ها هناك ..
و نار المجوس لم تنبت شجرة اليقطين ..
بعد ..
فبتنا و المنبوذ  في العراء ..
دون وطن ..
تحت وصاية أمريكا ..
فلم يجبني الرسول ..
أيها اللاجئ  إلى العدم ..
حتى الساعة ..
سأسأل عير رحلتا الشتاء و الصيف ..
عن وطني .. و كل الأوطان ..
عن الفاروق ، عن الناصر ..
و عن كل الأزمان .. 
حرق صمت آدم أغصان شجرة السفرجل .. 
و بعثر حقول اللوز و الرمان ..
و خناجر الياسمين و  الزعتر ..
كسرتها عِمالة الأعراب ..
و وزعوا القهوة و الأغاني الراحلة خلفي ..
على أبواب المدافن و المحارق ..
كل القبور تغني لحامل النار و البيارق ..
إلا قبر أبي و رمادي الساخن  ..
و شيء من أثر الرسول المجاهد ..
يسبحون ، يهللون و يكبرون ..
فتكبر فينا الذكريات و الآيات القديمة ..
و وصايا موسى المكتوبة ..
على تابوت العروبة ..
وَيْ ثم وَيْ يا أًخَيْ ..
حاسبني شيطان الأسد عن ذكرياتي ..
سرق مني اسمي ..
ثم ركض خلفك و خلفي ..
دون اسم و لا هوية ..
في أروقة المساجد ..
و أنا أصلي لرب السماء ..
فحاسبني تارة أخرى ..
عن خربشاتي على جدران المدرسة ..
عن ضحكة الطفولة ..
حين نتعثر في أزهار الفِناء ..
و عن كل شيء صغير يكبر في رجولتي ..
ثم بعثت نائما مرة أخيرة من أشلاء مهدي ..
الخشبي ..
ليحاسبني جند المهدي السردابي ..
و لم أرى بينهم محمدا المهدي ..
حين كنت أستلقي على نعش ..
العروبة ..
حوتْ جراحي سكون لحدي ..
بين شهادتين و رصاصة ..
و غض الدعاء ..
فاشتقت لعثرة الحبيب ..
و آه من عشق محمد ..
صمت الشموع يزين سكون الأضرحة ..
فبكاها البيت العتيق ثم بكاني  ..
حين حَبَتْ دون ثرى  ..
فوق زخرف دماء أطفال حمص ، دمشق ..
 و الشهباء ..
شوقا للبعث ..
آه من الفراق أيتها الغالية على قلبي ..
سأهب لك بعدي البقاء ..
أيتها المسلمة العربية ..
وَيْ أًخَيْ .. وَيْ أًخَيْ ..
بين دمعتي و الشام و أمي فلسطين ..
همسات مراكشية ..
ترفض موتي ..
لا ترغب في بعثي ..
و كل الأغاني الموسمية ..
خلف أشواك المخيمات  ..
و أنا أحتضر بعيدا عنهما ، و عن روحي ..
كل من كان يعرف أبي دحاني ، فرحل وطني ..
فقلت للمنايا رويدكِ أيتها العنيدة  رويدك ..
لن أستسلم لك اليوم حتى تغني صغار ..
عصافيري ..
كما غنى أبي في الجولان ..
 فرقص رقصة النصر قُبَيْلَ رحيله عن الجولان ..
لجنون البندقية ، نامت في حضني حولين ..
و حرضتني حربين ..
عانقتني رصاصاتها ، حملها اشتياقي  مرتين ..
فضاعت بين قصيدة رثاء ، و أسرار خريطتين ..
للمشرق العربي غروب ، و للمغرب رجفة المكان ..
فيا أمة المليار تنعمي بطيب النسيان ..
و ارتشفي من زِق الذل و الهوان ..
ما تبقى من طهر النعمان ..
و ما تبقى إلا وبيص المسك على مفارق ..
الشهداء ..
يلوح من الشام ، من العراق ، من اليمن ..
من ليبيا ، من تونس و من سيدة الأحزان ..
لطيف العروبة ..
إن تبقى للعروبة طيف ..
بعد نار فارس و الطوفان ..
يا أمة المليار المنكوبة ..
بذلها و بالهوان ..

بقلم : كمال مسرت


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق