أَعطُونِي بَيَاضَكُمْ لِأَخُونَكُمْ ...
شعر : مصطفى الحاج حسين .
يَخُونُنِي الصَبـَاحُ
يَخُونُنِي المَسَـاءُ
وَمَا بَيْنَ النَّسمَةِ وَالوَردَةِ
لا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الخِيَانَةِ
وَالغُيُومُ البِيضُ فِي سَمَائِنَا
هِيَ لَيْسَتْ لِأَرضِنَا
تَنَازَلْنَا عَنْهَا
بِمُوجَبِ عَقْدِ الخِيَانَةِ
فِيْ الحَربِ تَسبِقُنَا الخِيَانَاتُ
فِيْ صِنَاعَةِ الخُبْزِ
تَأْكُلُنَا الخِيَانَةُ
والمَوتُ دَائِمَاً مُغَلَّفٌ بِالخِيَانَةِ
يَخُونُكَ الأَخُ
الصَّدِيْقُ
الجَارُ
الزَّوجَةُ
الإبنُ
المُعـَلِّمُ
التّلمِيْذُ
وَتَنْتَهِي الدُّرُوبُ
وَلا تَنْتَهِي الخِيَانَةُ
وَرَاءَ كُلِّ شَهِيْدٍ خَائِن ٌ
خَلْفَ كُلّ شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ خَائِن ٌ
الجُوعُ مِنْ فِعلِ الخِيَانَةِ
الجَهلُ رَبِيْبُ الخِيَانَةِ
وَطَنٌ مُسَوَّرٌ بِالخِيَانَاتِ
نَهْرٌ يَتَدَفَّقُ بِالضَغِيْنَةِ
يَسقِي أَشْوَاكَ الصَّحَارَى
لِتَنْمُوَ الخِيَانَةُ
عَلَى أَطرَافِ تَوَحُّـدِنا
الخِيَانَةُ تَتَوَسَّطُ مَوَائِدَنَا
تُشَارِكُنَا غُرَفَ النَّومِ
نَتَنَفَّسُ مِنْ نَوَافِذِهَا
نَكْتِبُ بِأَبْجَدِيَّتِهَا
نَرسِمُ بِأَلْواْنِهَا
وَنَعِيْشُ عَلَى وُعُودِهَا
مَفْتُوحَةُ المَدَى
وَاسِعَةُ الصَّدَى
ضَارِبَةُ الجُذُورِ فِيْنَا
كَانَتْ قَبْلَ أَنْ نَأْتِيَ
وَسَتَبْقَى بَعدَ أَنْ نَزُولَ
هِيَ الهَوَاءُ
هِيَ المَاءُ
هَيَ شَمْسُ حَقِيْقَتِنا
نَحنُ - عَرَبَ الخِيَانَةِ -
نَخُونُ مَنْ نُحِبُّ
وَنَغدِرُ بِمَنْ يُسَلِّمُنَا بَيَاضَـهُ
فَأَعطِنِي سِـرَّكَ لِأَخُونَكَ صَدِيْقِي
أَعطِنِي يَا وَطَنِي مَفَاتِيْحـَكَ لِأَبِيْعَـهَا
أَعطُونِي البَيَاضَ لِأُعطِيْكُمُ السَّوَادَ
أَعطُونِي المَاءَ لِأُسقِيْكُمُ العَطَشَ
أَعطُونِي القِيَادَةَ
لِأُدخِل َ عَلَيْكُمُ جَحَافُلَ الأَعدَاءِ
وَأُفَجِّرَ مِنْ تَحتِكُم الفَاجِعَةَ
فَكُلٌّ مِنَّا يَخُونُ وَطَنَـهُ
عَلَى طَرِيْقَتِهِ
وَنَتَّهِمُ الخِيَانَةَ بِالخِيانَةِ !*
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق