بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 10 يناير 2018

مأساه امراه (29)بقلم الشاعره /امال مصطفى الشامى


كانت تمر  الايام والحرب بينى وبين اهلى كما هى مستمره بسبب قرارهم الملعون بمجىء شرف كل جمعه وكان تعذيبى الاكبر هو خضوع شرف لتلك القرار وتنفيذه بصدر رحب دون اى عتراض وكنت اتعذب وحدى واشتاق وحدى وكان هو يقابل هذا الاشتياق بالتجاهل التام الذى جعلنى اشعر بأنه تعود على فراقى بل وانه لم يعد يرد على رسائلى. كان شعور البطله بالقهر يزداد وهى تترجم عدم رده على رسائلها بان شغله واصحابه قدرو يعوضوه عنها  ولكنها بكل حزن قالت: ماذلت انتظره .نعم ماذلت انتظره حتى جاءت الجمعه . قررت فى هذا اليوم ان افتح لشرف صفحات قلبى واعترف له عن ما بداخلى من خوف وشك وقلت له: انا حسه انك اتعودت على غيابى وبدأت تنسانى.  رد وقال : انا عارف انى مقصر بس والله غصب عنى مشاكل الشغل مخليانى بلف حوالين نفسى .قلتله :يعنى مش شغلك وصحابك قدرو يعوضوك عنى .قالى: لا طبعا مافيش حاجه تعوضنى عنك ولو فكرتى بالعقل هتعرفى ان الشغل ده عشان مستقبلنا .. اطمنت.. لكن هذا لا يغير حقيقة ان اهلى ليهم دور كبير فى فراقنا ولم تنسى البطله ان نصائح خالتى واولادها انه ميجيش غير يوم الجمعه هى السبب فى حرمانها القاسى من حبيبها فقالت البطله: كان يبرر ابتعاده بالشغل لاكن لو الشغل هو السبب فعلا فى غيابه عنى فاكيد الشغل مش هيمنعه انه يرد على رسايلى  الا اذا كان مش مشتاقلى وعدم اشتياقه لم يتبرر بالشغل مطلقا  فعدم اشتياقه لى سببه الاول والاخير هو اهلى (خالتى وأولادها) .. حكمو انه مايشوفيش غير مره كل اسبوع يبقى لازم يتغير . فعلا اللى بعيد عن العين بعيد عن القلب لكن اشمعنى انا حساه موجود جوه قلبى رغم انه بعيد عن عنيا؟ اشمعنى انا مش بتغير ؟ فى ظل هذه الايام كانت تحدث مشاجرات بين ابى وامى وكان لسوء الصدفه ان يتواجد شرف فى يوم المشاجره ثم يقضى اليوم جالسا مع ابى يستمع له عن سبب المشاكل بينه وبين امى فكان ابى يعتبر شرف ابنه الثانى وكان يحكى له عن جميع اسراره بما فيه حبه الاول فكان يحكى والدى لشرف عن حبه القديم وعن زكرياته وشبابه فكان شرف مستمعا لابى قائلا فعلا يا عمى الحب الاول مبيتنسيش كنت انظر له وانا ابتسم واقول : وانت حبى الاول . كانت تمر الايام والمشاجرات بين ابى وامى مستمره فبعد انتهاء كل مشاجره اتفاجئ بابى يقول لى : انا هكتب كتابك على شرف الاسبوع الجاى وطبعا كان هذا بالعند فى والدتى وكانت المشاجرات بينهما تزداد يوم بعد يوم .اما انا فكنت خارج كل هذا .لم اشعر بشىء سوى فراق شرف القاتل. وفى الجمعه القادمه اخذنى شرف وذهبنا فى نزهه الى ارض المعارض.كان هذا المكان عباره عن ارض واسعه تحتوى على جميع مستلزمات جهاز العروسه من اجهزه منزليه كهربائيه وسجاد وانتريهات وغيرهم . كنا بنتمشى وبنتفرج وفجاه لقيته بتقولى: انتى جعانه؟ قلتله : لا .. قالى : بس انا جعان خليكى واقفه هنا متتحركيش وسابنى لمدة عشر دقائق وفجاه لقيته جاى وجايب معاه سندوتشات و2 كانز .ضحكت وقلتله: ايه اللى انت جايبه ده .قالى : ايه جعان .ابتسمت وقلتله: طب جايب 2 كانز ليه مانا قلتلك مش جعانه. قالى مانا هشرب الاتنين. كنت عارفه انه جايبها عشانى وكنت بقول جوايه انت انسان طيب اوى .مهنش عليه ياكل من غيرى مع انى قلتله مش عايزه . كنت حسه بحنيته فى لمسة ايدى وهو ماسكها وكأنى بنته ماشيه جنبه وببصله وانا مبتسمه وفرحانه ناسيه معاه مشاكل اهلى ناسيه كل الدنيا واللى فيها وكل اللى حساه انى مبسوطه وبضحك من قلبى .فضلنا ماشين نضور على مكان نقعد فيه لحد ما لقينا مقعد صغير تحت شجره فى مكان ضل .قعدنا وطلعنا السندوتشات والكانز واتغدينا .برغم انها اكله صغيره بس كان ليها طعم تانى . واحنا بناكل لقيته بيقولى : عملتى ايه الاسبوع اللى فات . قلتله : ولا حاجه كل يوم مشاكل بين بابا وماما كالعاده . قالى :ليه كده؟ قلتله مشاكل تخص جدتى ام بابا . قالى : والله انا شايف ان المشكله مش فى جدتك. انا شايف ان والدتك ووالدتك مش متفاهمين ولازم يقربو من بعض اكتر عشان يفهمو بعض . بصتلو وابتسمت وقلتله : زى انا وانت كده متفاهمين صح قالى اكيد طبعا. انتهينا من الغداء وقمنا نتمشى فوجدت شرف يكمل حديثه قائلا: بس التفاهم مش كل الحاجه  لازم يكون فيه حب ولازم يكون فيه هتمام . كنت بسمعه وانا مستغربه ازاى بيتكلم عن الاهتمام وهو عمره ما اهتم بيا . لقيته بيقولى : لو تلاحظى ان والدك بدأ يحن للحب القديم بتاعه ايام الشباب وبيحكى عنها .قلتله اه فعلا . قالى : مفكرتيش ده معناه ايه .قلتله : معناه ايه ؟. قالى : معناه ان ( الحب الاول فى حيات الانسان صعب يتنسى وصعب جدا كمان وممكن الانسان يفضل يندم على الحب ده لحد مايموت) .قلتله للدرجادى؟ قالى : اومال انتى فاكره ايه .قلت فى سرى عرفت دلوقتى ان حبى ليك عمره ما يتنسى يا حبى الاول .   ولكنى تنبهت لنفسى قائله فى سرى : لكن هو عرف منين الاحساس ده وياترى حسو مع مين .؟ وجدت نفسى اساله : طب انت عرفت منين ان الحب الاول مبيتنسيش ؟ واقول فى ذهنى اكيد حسو معايا اكيد انا حبه الاول . ضحك وقالى : اللى قدامك ده خبره ده انا مشيت مع بنات عدد شعر راسى . قلتله : ايوه مشيت بس محبتهمش صح؟ قالى بصى اللى مبيحبش ده يبقى انسان مريض .رديت  بصوت موجوع وقلتله: يعنى انت حبيت ؟ فوجدته ينظر للامام وقال: ( ليلى ) كانت بنت زى العسل كنت انظر الى عنينه وهو يتكلم عنها وابتلع وجعى فى صمت فوجدته يقول : كانت جميله اوى وكان مستواها عالى عشان كده مكنش ينفع اتجوزها . فى هذه اللحظه كانت يدى تلتمس بيده فنظرت لعنينه وقلت :حبيتها ؟ اجابنى قائلا : حب من طرف واحد هى كانت بتعاملنى على انى اخوها  وهنا سحبت يدى من يده لامسك بقلبى واقول فى صمت انه نفس الحب الذى احبه لك من طرف واحد فوجدته يكمل حديثه قائلا : اللى كان حب من طرفين كانت وحده تانيه حبتها وحبتنى اوى لكن لما جيت اتقدملها لقيت والدها رفض عشان كانت اكبر منى بشهرين .التفت اليه والدموع واقفه فى عينى ثم رديت وانا  قلبى يمتلئ بالحسره والوجع وقلت :يعنى مش انا حبك الاول .قالى : مش يمكن يكون ربنا بعتك ليا عشان تعوضينى عنها . ابتسمت وقلتله : يمكن... ليس سهلا  ان ينسى حبه الاول  وهو الذى قالها ( الحب الاول فى حيات الانسان صعب يتنسى وصعب جدا كمان وممكن الانسان يفضل يندم على الحب ده لحد ما يموت ) هذه الجمله هو الذى قالها وهذا يدل على انه لن ينسى تلك الفتاه التى نبض بها قلبه.. انها حبه الاول .. انها شعوره الاول ..انها قصة حبه الأولى. لقد مليت من دموعى ومليت من اوجاعى ايضا . كنت استمع له حينما يقول ان قصته انتهت من زمان ولكنى اعلم ان سوف تظل القصه الجميله عالقه فى ذاكرته كاتزكار رائع لاول حب . كنت اكتم اوجاعى على قدر تحملى وحينما يفيق تحملى كنت اخرج بقايا اوجاعى فى البكاء والانين . كانت تمر الايام ويأتى شرف ثم يذهب وفى ذات يوم جمعه حضر شرف وجلس يتكلم مع والدى كالعاده ثم دخلنا نقف فى البلاكونه مثل كل جمعه .فوجده يسالنى عملتى ايه الاسبوع ده ؟ قلتله : كان اسبوع صعب كالعاده فوجدته يقول : فعلا كان اسبوع كله شغل وتعب .قلتله ربنا معاك ويقويك. قالى والله يا امل انا باجى من الشغل ميت باكل وبنام وادينى مستنى لما اشوف شغل تانى . قلتله : بصراحه الله يكون فى عونك مواعيد الشغل بتاعتك صعبه اوى . لقيته فجاه حط ايده على كتفى وقالى : سيبك انتى مش الشغل والحوارات دى انتى وحشانى .ابتسمت وقلتله وانت كمان وحشتنى . وكانت لهفتى تسبقنى فى الحديث اليه كنت مبسوطه وبدأنا نضحك  ونهزر .فضل يحكيلى عن نفسه لما كان صغير وعن اصحابه وعن المواقف المضحكه اللى كانت بتحصل بينهم . ومع الوقت بدأ يحكيلى  عن المعهد وعن علاقاته مع البنات فهمت من كلامه انه كان مقضي حياته تسليه وانه قبل ما يمشى مع البنت منهم كان بيفهمها انه مش بتاع جواز . كنت بضحك وانا بسمعه وبسال نفسى ايه الشخصيه دى؟ ايه البنى ادم ده؟ ازاى محبش ولا وحده فيهم كان بيحكيلى عن ( انجى وشيرين وهبه وفاطمه  ) وغيرهم من البنات . وفجأه  لفظ لسانه بأسم (ليلى) وقد تغيرت ملامحه تماما عند نطقه ذالك الاسم . البنت الذى كان يحكى عنها من قبل وهى بنت اسمها (ليلى) بنت الكابتن اللى كان بيدرب شرف فى النادى . مش هقدر اكدب احساسى واقول أنها بنت زى اى بنت عرفها وحكالى عنها . لان للاسف دى البنت الوحيده اللى حسيت انه بيتكلم عنها وهو متأثر  ..جت سيرتها بمناسبة انه بيحكى عن البنات لازم تكون حشمه عشان محدش يتفرج على جسمها وان الواحد بيضايق لما يشوف انسان غالى عليه فى الموقف ده . ضرب المثل بليلى وقال انه كان معزوم فى فرح كانت موجوده فيه ليلى قائلا وهو سرحان : كانت لبسه فستان عريان والناس كلها كانت بتتفرج عليها وهى بترقص مع العروسه مقدرتش اكمل الفرح ومشيت فى اول عشر دقايق .. فهمت من كلامه انه كان بيحبها وكان حبه ليها من طرف واحد . ولكن ايه الفرق بين الحب من طرف واحد او حب من طرفين . فى الحالتين هو بيحبها . وفى الحالتين الماضى بيصحى من جديد . وفى الحالتين انا موجوعه اوى .تفتحت جراحى من جديد وعادت اوجاعى تضع المها فى قلبى وعادت نيرانى تشتعل وتحرق ما تبقى من مشاعرى التى اصبحت رماد . كان الماضى يؤلمنى من ناحيه . ومن الناحيه الاخرى حرمانى من شرف . كانت تمر الايام سوداء اسبوع يليه الاخر وهكذا كان شرف يأتى كل جمعه وكنت انا مستمره فى محاربات اهلى فكان سلاحهم هو نصائحهم لى بتركه الذى كنت اضرب بها عرض الحائط لكن سلاحى كان اقوى  من سلاحهم .. حبى الكبير لشرف اللى جوه قلبى كان هو ده سلاحى اللى بحاربهم بيه.
 كان عندى استعداد احارب الدنيا كلها فى سبيل انى اوفى بوعدى لشرف وافضل محافظه على حبه . كنت بحاربهم بكل قوتى لدرجة انى مكنتش قدره افرق بين اللى بيحقد عليا واللى خايف على مصلحتى . كنت بحاربهم كلهم. وقفت قصاد العيله باكملها مكنتش خايفه لانى ولاول مره فى حياتى احس انى قويه (قويه بحبى له .وليس حبه لى) اننى قادره ان احارب اهلى . وقادره على الوقوف والصمود . وقادره على المقاومه والتحدى .ولكن ليس لدى القدره لمحاربة الماضى .. كان دائما وهو واقفا معى فى الشرفه يروى قصائد شعر لنزار قبانى . واذ  به فى ذات مره يفاجئنى بقصيده شعر  تسمى ( انا وليلى ) انها القصيده التى كانت كل كلمه فيها تخرج من فمه كالرصاصه فى قلبى .. وكانت القصيده تقول 
( ماتت بمحراب عينيكِ ابتهالاتي
واستسلمت لرياح اليأس راياتي
جفت على بابك الموصود أزمنتي
ليلى، ما أثمرت شيئاً نداءاتي
عامان ما رف لي لحنٌ على وتر
ولا استفاقت على نور سماواتي
أعتق الحب في قلبي وأعصره
فأرشف الهم في مغبر كاساتي
ممزق أنا لا جاه ولا ترف
يغريكِ فيّ فخليني لآهاتي
لو تعصرين سنين العمر أكملها
لسال منها نزيف من جراحاتي
لو كنت ذا ترف ما كنت رافضة حبي
لكن عسر فقر الحال مأساتي )
كنت استمع اليه وانا ارتجف من شدة الالم الذى كان يسرى فى قلبى بعد كل جمله فكان قلبى ينقسم وكأن كلماته تشق احشائى بسيف دون رحمه وكنت انظر له كالقتيل الذى يتوسل للقاتل ان يكف عن زبحه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق